صححت له هذه الكلمة. وعلها من سبق القلم. وله تحياتي.
(ع)
ما زال الضمير قلقا:
قلت في كلمتي (ضمير قلق) المنشور في العدد (٧٣٠) من الرسالة الغراء، إن الضمير الثاني المضاف الذي نراه هذه الأيام في مثل قول القائل (هذه مسألة لها أهميتها) إنما هو ضمير قلق يفيد ملكية سبقه إليها الضمير المجرور باللام قبله. وقلت إني لم أر مثله في كلام عربي قديم، إلا أن يكون غيري قد رآه فيتفضل بالإرشاد.
وقد انبرى للإرشاد الأستاذ محمد غنيم فقال إن هذا الضمير مطمئن (له أهميته) واستشهد على اطمئنانه بالآية الكريمة (لكم دينكم ولي دين).
والذي رأيته بعد هذا الإرشاد أن الضمير ما زال قلقاً، ودليلي على قلقه قول الأستاذ نفسه، تفسيراً للآية (أي أن دينكم مختص بكم، لا يتعداكم إلى غيركم، ولي دين مختص بي لا يتخطاني إلى غيري).
فإن الاختصاص الذي أشار إليه الأستاذ في الآية غير ملحوظ في قول القائل (هذه مسألة لها أهميتها)، وإلا فهل هو يعني أن هذه المسألة مختصة وحدها بأهميتها، وأن أهميتها لا تتعداها إلى غيرها من المسائل، كما أن الكافرين مختصون وحدهم بدينهم، لا يتعداهم دينهم إلى الرسول الكريم؟ إن كان هذا ما عناه فما جدواه وقصاراه؟ إن عمل الضمير في الجملة غير عمله في الآية. فلم يقصد من الجملة إلا أن المسألة لها أهمية مطلقة، أي أنها مسألة مهمة فحسب، لا قصر أهميتها هي عليها، وعدم إشراك غيرها معها فيها، كما قصرت الآية دين الكافرين على الكافرين.
فالضمير العصري يفيد الملكية المكررة، وضمير الآية يفيد القصر بعد الملكية. ولهذا ما زال الضمير العصري قلقاً في رأيي، وما زالت أرجو التدليل على اطمئنانه وصحته بمثال آخر من القرآن الكريم، أو الكلام العربي القديم، على أن يكون المراد بالمثال (الوصف) الذي أريد وحده في الجمل العصرية، لا (القصر) الذي لا موضع له فيها على الإطلاق.