للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأراضي لمن تشاء وتوزع الثروة على شركات الاحتكار والاستثمار.

هذه هي مناطق القانون التي يسود فيها الحكم المدني. أما المناطق العسكرية فهي تخضع لجبروت الجيش وضباطه السياسيين، فهناك يجمع القائد الفرنسي كل السلطات في يده ولا مرد لحكمه: إذا تكفي إرادته لنزع الأملاك وتنفيذ حكم الإعدام والسجن ونقل قرى بأكملها وإخلائها من السكان، ولا يمكن مراجعة حكمه أو الاعتراض عليه أمام سلطة مدنية، وأهالي البلاد من المسلمين حيارى بين براثن الاستعمار الفرنسي في مراكش، هم في حالة حرب منذ عام ١٩١٢ لا يرتفع عن كاهلهم سوط الأحكام العرفية ولا يشعرون بالراحة يوماً، تؤخذ أولادهم للحروب، ويرسل بشبابهم إلى المعتقلات والسجون.

لقد آن للعالم أن يفهم حقيقة الحال في أفريقيا الشمالية، وحسنا فعل المجاهدون المراكشيون من المبادرة إلى أمريكا وتعريف العالم بقضيتهم لأنها قضية عادلة: وقد شرحنا أساليبه ومراميه وأهدافه ويؤكد سيطرة فرنسا وتدخلها في شؤون بلادهم أجيالاً من الزمن لا تزال في علام الغيب أو المستقبل.

أن كفاح أهل مراكش سيكون طويلا وصعبا لا هوادة فيه، لأن بلادهم موطن الثروة المعدنية، واليها تتجه أنظار الاستعمار الفرنسي للحصول على المواد الخام من البترول والفحم والحديد، وهذا الاستعمار يفرط - كما قلنا - في ولايات من أوربا ولا يتنازل عن شمال أفريقيا، وهو يعلم تماماً أن أي تساهل أو اعتراف من جانبه باستقلال أو حكم ذاتي يمنح لأهل البلاد المراكشية معناه انهيار الإمبراطورية الفرنسية بأكملها في أفريقيا الشمالية.

فعلى الذين يتصدرون الحركة الاستقلالية في مراكش أن يفهموا أن العراك سيكون شديداً وقاسياً، وعليهم أن يكتسبوا المعركة الخارجية، وهي معركة الدعاية لقضيتهم في أمريكا وفي بقية أنحاء العالم، عليهم أن يظهروا مساوئ الاستعمار وأضاليله، وان يجعلوا الدعاية قائمة في كل مكان، وان تمتاز بالثبات والرسوخ والهدوء والمداومة.

ففي مصر لا يكفي شعور الناس بالعطف على قضيتهم، بل يجب إبرازها كل يوم في ثوب جديد على صفحات الجرائد والمجلات، بل نريد أن نسمع رأيهم وصوتهم، ونرى مناظر بلادهم ومساجدها وأسواقها، ونقرا لأدبائهم وزعمائهم كل يوم، ونود أن نشاركهم أفراحهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>