والهدير. ففت في ساعدي واسقط في يدي وهممت أن انفلت من بين الصفوف هاربا ولكني خشيت سوء العاقبة، وقضيت الصلاة بعد ساعة شعرت فيها أن الأرض قد دارت بي مما اعتراني من الإعياء والتعب، فلقد كان يطيل ركوعه وسجوده ويتنطع ويتقعر في القراءة، وتلمست طريقا للخلاص متسللا من بين الصفوف دون أن يشعر بي أحد ناجيا بنفسي، وفور وصولي إلى دمشق أذاعت في الصحف نبأ ما سمعت وما رأيت محذرا أولي الأمر والرأي العام من خطر هذا الأفاك الأثيم، فلم تلق صرخاتي آذاناً صاغية ولا قلوبا واعية لأن الحكومة الفرنسية كانت تشجعه وتشجع أمثاله وتلقي لهم الحبل على الغارب وبقي هذا الطاغية يعبث بعقول السذج البسطاء من اتباعه فيسلبهم العقل والمال والعرض منذ بدء العهد به حتى يومنا هذا. وقد مد الله ليتيح له فرصة التوبة ولكنه لم يتب برغم بلوغه الستين من العمر، فأخذه أخذ عزيز مقتدر، وألقي الرجل منذ أيام في غياهب السجن بين جدران حاشرة لا يري فيها النور الشمس، وها هو ذا اليوم يدان بفضيحة جديدة تثبت سطوه على أعراض النساء اللواتي كن يستسلمن له، فضيحة جرت فضائح، كان لها ريح خبيث، ودوي مزعج، وصور لا يستطيع أن يرسم أفحش منها إبليس نفسه.
ولقد ثار العلماء وأعلنوا البراءة منه ومن امثاله، ونرجو أن يكون مصيره عبرة لكل ممخرق يريد أن يخدع الناس باسم الصوفية والدين، فحسب الشريعة البيضاء النقية، ما أصابها من سواد، وما مسها من عكر!