للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم كان أن نهض الأستاذ الزيات (صاحب الرسالة) بترجمة (رفائيل) و (آلام فارتر) عن الفرنسية بأسلوب عربي هو أسلوب الزيات، وفي رعاية دقيقة للأصل الأجنبي مكنه منها حذقه للغة الفرنسية، فقوبل هذا العمل ببالغ التقدير والثناء في الدوائر الأدبية؛ وكان هو الباب الذي دخل منه الزيات) إلى ما بلغ من مجد أدبي.

وعلى نهج الأستاذ الزيات أراد أن يسير الأستاذ محمود مصطفى في تنفيذ رغبته، وان يراعي في نقل الكتاب الذي يريد نقله دقة الارتباط بالأصل الأجنبي حتى يتقي ما وجه إلى المنفلوطي من نقد وان يكسب ما كسب الزيات من تقدير، وقد كان المختار (يوميات الفيلسوف القانع) واعتمد على الأستاذ اسعد عبد الملك - وكان زميلا في وزارة المعارف - في نقل هذا الكتاب نقلا حرفيا، ثم ترك أهله وداره وسكن مصر الجديدة ليتفرغ إلى صقل الكتاب في الأسلوب الذي يريد، وقد تم له ما أراد وظهر الكتاب في طبعته الأولي وعليه اسم الأستاذ محمود مصطفي - وفيه الأسلوب وروحه وجهده، والي جانبه اسم الأستاذ اسعد عبد الملك الذي نقله عن الفرنسية نقلا حرفيا. . . وكان الأستاذ محمود مصطفي شديد الاعتزاز بهذا الأثر، وكان يحدثني كثيراً عما لاقي فيه من العناء، وقال لي: لا تحسب يا فلان أن الترجمة الصحيحة عمل سهل، بل إنه عمل اشق من التأليف. . .

وفي هذه الأيام ظهر كتاب (يوميات الفيلسوف القانع) في طبعة ثانية، ولكنه يحمل اسم الأستاذ اسعد عبد الملك وحده، ويعلل حضرته هذا الاستئثار بملكية الكتاب بأنه أولا رأى أن أسلوب الكتاب في طبعته الأولى أشبه بأسلوب الجاحظ وابن المقفع وكتاب الصدر الأول فعمد إلى تبسيطه وحذف ما فيه من كلمات وتعبيرات رآها غريبة عميقة مما لا يناسب روح العصر كما يقول، ومن جهة ثانية لأن الأستاذ محمود مصطفي نزل له عن الإسهام في الترجمة بعقد مؤرخ في ٥ - ٩ - ١٩٢٧م.

أما مسالة تغيير الأسلوب فانه جناية على الأستاذ محمود مصطفي لأنه مسخ لجهده، وجناية على الكتاب لأنه حط قيمته، على أني قابلت بين الطبعتين فلم أر هذا التغيير إلا في كلمات وتعبيرات كان الأستاذ محمود مصطفي يشرح معناها، فحسبها صاحبنا غريبة لا تلائم العصر.

أما مسالة العقد فقد حدثني الأستاذ محمود مصطفى رحمة الله إنه لما فرغ من الكتاب اتفق

<<  <  ج:
ص:  >  >>