للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن مثل هولندا كمثل الطفل المدلل وسط الديمقراطيات الكبرى لأسباب كثيرة وعوامل متعددة سوف نكشف الغطاء عنها. مثلها كمثل الطفل المدلل الذي لا يعجبه شئ؛ فهو لا يرضى بما يقدمه إليه أميركا وبريطانيا من مزايا هو لا يعجبه الحيوان الأليف يلهو به ويلعب لأن جمعيات الرفق بالحيوان تخيف الدولتين إذا ما عذب الحيوان الأليف، أما إذا عذب الإنسان فليس هناك جمعيات تثور وتحتج.

هذا الطفل المدلل لا يرضى أن يلعب بالدبابات والأسلحة ومدافع التومي إلا إذا كانت حقيقة وهو لا يجمعها من الديمقراطيات ليلهو بها ويلعب أو ليضعها في متحف الأسلحة. هو بطل صغير يرضيه شئ واحد هو التحكم والسيطرة على ثمانين مليونا هم سكان إندونيسيا يريد استعبادها واستغلال أراضيهم. أما هذه الأسلحة فليست ليلعب بها الطفل المدلل أو يستعملها للزينة والصيد والقنص وإنما يسره ويضحكه ويسليه أن توجه هذه الأسلحة إلى قلوب أهل إندونيسيا ليفنى جموعهم ويجعل منهم يوم نادوا باستقلالهم، عبرة لمن اعتبر.

هذا الطفل المدلل على الديمقراطيات لم يجد من يقف أمام عبثه ولعبه، لم يجد من يمنع جنوده وطائراته من المرور، ولا من يمنع مدرعاته وسفنه المحملة بالعتاد من الوقوف في البحر، فلماذا لا يحارب؟ ولم لا يفرض إرادته على جاوة وسومطرة وبقية جزر الهند الشرقية؟ هذا ما تنبأنا به من قبل ولكن هنا يبرز الإسلام في هذه البقاع كقوة مقاتلة مكافحة لا تلين ما اتعس الاستعمار ورجاله حينما يواجهونه تفنى حيلهم وعلومهم وقوتهم أمام هذه الصخرة التي لا تلين. وسنرى من جهاد أهل إندونيسيا صفحة من الجهاد والكفاح في سبيل العقيدة يبرز فيها ما يجمع بين الموت والبطولة وهما اعظم ما أخرجته النفس البشرية في هذا الكون واعظم ما ورثه الإسلام أهله من عظمة وجمال من يوم أشرقت شمس الرسالة المحمدية.

فتحية منا إلى الشهداء الذين سقطوا في ميدان الحق أنهم الطليعة الأولى الذين ستتبعهم الجموع، إذ بموتهم واستشهادهم سيكون الخير كل الخير، لا للعالم الإسلامي وحده، بل سيضربون بموتهم مثلا خالدا للعالم كله ولشعوبه التي تئن تحت الظلم والطغيان. أننا ننحني أمام هذه الطليعة ونحي الدماء التي سفكت في سبيل الحق، ونصلي صلاة الغائب عليها في مساجدنا الجامعة ونهتف من أعماق القلوب ونقول أنها حية إلى الأبد في قلوبنا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>