عاد زوجها مساء فألفاها على تلك الحالة باكية حزينة. فسألها قائلا:(ما بك؟ أعلميني أسباب حزنك وكدرك، ما الذي يبكيك؟) فاعترفت لأول مرة قائلة: (لنذهب! لنذهب إلى هناك!) وأشارت بيدها إلى بعيد، إلى ديار أهلها وقومها.
عادت الطيور ولم تأتها بخبر من أهلها، ولكن ما الذي يهمها من ذلك ألان، إنها ذاهبة بنفسها إلى الصحراء، إلى الوطن الذي طالما فكرت فيه أضناها بعدها عنه، وذرفت لذلك دموعا غزيرة. . . لقد ذهبا إلى الصحراء ومضى على ذهابهما زمن طويل. . . فليت شعري، أفتاة الصحراء لا تزال تجلس تحت ظل أشجار النخيل، تغني أناشيدها القومية فرحة مسرورة بالوطن العزيز الذي كانت ترى بجانبه جمال الآستانة قبحا، وماءها ملحا، وهواءها رديئا، وجوها وبيئا، وشمسها قاتمة، ونجومها مغمضة نائمة، أم هي نائمة نوما أبديا تحت أطباق الثرى، وحيدة منفردة وظلال أشجاب النخيل تبكي عليها؟