للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والمسألة ليست من البساطة والسهولة بحيث يقول الأستاذ مظهر أن علم التطور (اثبت أن الإنسان نتيجة مترتبة على النواميس القديمة الأزلية وان حدوثه ليس أكثر من توليف جديد حدث في جوهر المادة).

فكيف اثبت علم التطور أن الإنسان توليفة جديدة فقط حدثت في عالم المادة؟

هل اثبت علم التطور حتى الآن علة الفرق بين اصغر الخلايا الحية وبين الذرة المادية؟

وإذا كان علم التطور لم يثبت ذلك فكيف يجزم بالرأي في حقيقة الإنسان كله وهو أعلى ما شهدنا ظواهر الحياة؟

وإذا كان علم التطور قد اثبت ذلك فلماذا لا يخرج لنا خلية حية تنشطر وتلتئم وتتوزع وتتجمع وتدخل في الرحم بدلا من خلية الإنسان أو خلية الحيوان فينشا منها مولود جديد على مثال أمه وأبيه؟

إن جهل همجي لهو اصدق شعورا بالعالم من الفيلسوف المصري الذي يحصر مسالة الحياة هذا الحصر المعيب. لأنه على الأقل يدرك للكون عظمة ورهبة تخفيان على الفيلسوف الذي يظنن أن الآزال والآباد كانت في انتظاره حتى يظهر في سنة ١٨٠ أو ١٩٠٠ أو ٢٠٠٠ فيضع الكون كله في تلك العلبة الصغيرة ويغلقه هناك بالمفتاح الأخير.

على إننا ندع الخوض في هذا الغمار عرفنا كيف كان وقوف الأستاذ مظهر على الشاطئ بين الماء والرمال، ونرجع إلى المصطلحات والنقود فلا نزيد على ما تقدم إلا أن نرجو الأستاذ ومن ينقدون على غراره أن ينقدوا بعد أناة طويلة. فقد تبين مما تقدم أننا لم يفتنا شئ مما يقع في خواطرهم، ولكنهم هم قد يفوتهم شئ كثير مما توخينا. . .

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>