للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البرانس ودخلت فرنسا بقيادة عبد الرحمن ابن عبد الله الغافقي في سنة ٧٣٢ ميلادية.

وكانت انتصاراته سهلة على حكام البلاد فوصل زحفه إلى وادي نهر اللور، ولكن في وسط الوديان الشاسعة بين بلدتي تور وبواتييه، حيث المروج الخضراء، التقت جموع العرب لأول مرة مع جموع عنصر أوربي مقاتل عم الجرمان وعلى رأسهم شارل مارتل، ودارت رحى معركة قال عنها كتاب أوروبا (هي المعركة الفاصلة الإسلام والمسيحية لان اغلب مقاتلة الجرمان كانوا وثنيين، ولكن الدعاية والرغبة في التهويل والتفخيم أسبغت على هذه المعركة ثوبا فضفاضا لان نتيجتها كانت انسحاب العرب من وسط فرنسا إلى جبال البرانس، فقالوا هنا التقت أوربا واسيا، وفي هذه المعركة انهزمت قوى الإسلام ومن الغريب أن يذكر بعض المؤرخين أن بين من حارب في صفوف المسلمين أمراء مسيحيين.

لقد شاءت الروح الصليبية السائدة في أوروبا أن تجعل من معركة تور وبواتييه ابتداء الهجوم المضاد على المسلمين، لا في فرنسا وحدها بل في إسبانيا، واستمرت هذه الدعوة القائمة على الكراهية والإفناء سائدة لمدة ثمانية قرون وهي تلاحق العرب حتى صفيت المشكلة الإسلامية فيبحر من الدماء والمذابح في إسبانيا وغادر آخر ملوك غرناطة ساحل الجزيرة الخضراء.

ولقد ظن المسلمون أو خيل إليهم أن نكباتهم قد انتهت وان جحافلهم قد أن لها أن تستريح وكانوا في ذلك من الواهمين لأنه لم تمض ثلاثة قرون حتى لاحقتهم الحروب في عقر ديارهم، وقذفت فرنسا التي حكمها العرب وفتحوا ديارها بحملة قوامها أربعة وثلاثون ألفاً من خيرة جنودها وحملوها على أسطول عدته أربعمائة سفينة أنزلت مع الحملة مائة وعشرين مدفعا تجرها الخيل.

ولم تكن هذه أولى الحملات بل تقدمتها محاولات أخرى لقيت فيها مدينة الجزائر الكثير من عبثهم وهدموا أحياء منها، ويذكر التاريخ مثل هذا الهجمات على مدن السواحل الأفريقية كلها حتى مدينة الإسكندرية وبيروت وسواحل الشام أصيبت في عهد الدول العثمانية وقبلها بشيء من هذا العدوان على أيدي قراصنة الأوروبيين.

ومع ضعف المسلمين وتفرق كلمتهم تمكن أهل المدن الساحلية وهم أهل المتاغرة والرباط

<<  <  ج:
ص:  >  >>