للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك لم تكسب الدولة العثمانية كثيرا في سياستها الإسلامية وجاء اتساع رقعة أراضيها فلم يمكنها من أن تصير دولة متماسكة قوية ومع خدماتها الجلى للإسلام جاء وقت كانت هي وحدها الدولة الإسلامية التي تتلقى الصدمات التي يوجهها أعداء الإسلام وخصومه إلى أممه. وفي غمرات هذه الحالة جاءت حملة فرنسا على القطر الجزائري فإذا القوى مبعثرة والأيدي مغلولة وأراضي المسلمين الشاسعة خالية من السكان.

نذكر هذا ونكرره إزاء الصيحات التي نسمعها نحو الوحدة وتأليف دولة موحدة إسلامية ونحن نبادر إلى القول بان المتناقضات لا تزال قائمة في داخلية العالم الإسلامي هذه المتناقضات التي أورثتها لنا الأطماع والحزازات والعقد النفسية، فلنحذر من الوقوع في أخطاء السلف لان هذه الأخطاء قد تكون أكثر وبالا علينا من المصائب والنكبات التي يسببها الأعداء لنا.

وكلمة هادئة نسوقها هنا وهي: إننا من دعاة حرية الشعوب الإسلامية ولكن مع الإسراع في الأخذ بمدنية القرن العشرين ومع العمل على نقل الشعوب إلى وعي قومي صحيح مبني على العلم والنور وفهم الحقائق والتثبت منها، بحيث لا يمكن التأثير عليها وقيادتها إلى أعمال تحمل من المبدأ جراثيم الفشل وتنتهي إلى نكبات ومحن تضعف من شان المسلمين، فعلى ضوء تجارب الماضي ودروسه القاسية تبنى وتؤسس دعائم المستقبل فنحن طلاب حرية وتقرير مصير واستقلال كل شعب داخل نطاق حدوده القومية والتاريخية، ولسنا من أمصار الفكرة العثمانية الني رأينا أثرها بعد ثلاثة قرون ممثلة في ضياع شمال أفريقيا، وإنما ندعو إلى تأسيس علاقات جديدة بين الوحدات العربية والإسلامية تنو على ضوء التجارب مع الزمن نحو التحالف والتكاتف والتعاون، حتى يعاد العمران وتنشا المواصلات وتختفي الأنقاض والخرائب وتحطم أغلال الجهل التي أورثتها لنا أجيال عشنا منها تحت كنف الاستعمار والاستعباد.

هذه ناحية هامة أعادتها إلينا ذكرى احتلال الجزائر وما لمسناه من خمود أية فكرة عليا للدفاع عن هذا القطر الشهيد؛ فلننظر من ناحية أخرى لهذا الحدث الكبير في تاريخنا لنعرف الدوافع الكامنة وأثرها.

لقد رأينا جيوش المسلمين تسير لتحرير العالم، حتى إذا انتهت إلى إسبانيا عبرت جبال

<<  <  ج:
ص:  >  >>