وإنه ليوم من أيام الآحاد في الربيع الباسم وقد انتثرت فراشات الحقول وتحمل النسيم رسائل الفل والياسمين وجاءت الساعة التي تقف فيها الغانية في ساحة الله بقلب رققته الذكرى المفعمة هذه المرة بمعاني الربيع، وانكفأت الحسناء كعهدها كل مرة ولكنها ساقها التوت وسقطت على الأرض سقطة غير متوقعة فأنهضها رجل بجانبها ورافقها حتى الباب. . . ثم تمنى لها العافية وانصرف.
ورآها مرة أخرى فسال عنها ثم كان طريقهما واحد فتحادثا. وقد يلذ للإنسان أن يتحدث عن نفسه، وقد يلذ أن يسمع. . فتحدثت وسمع. . ثم تحدث فسمعت. . وقد تقابلا من بعد فعرف منها ما استعصى على المدعي من قبل وما كان خليقا به وبغيره أن يستعصي عليه؛ فقد عرف أنها أرمله وان الذي فقدت هو زوجها الذي بنت به في الربيع الخامس عشر من عمرها والذي تخلو بطيفه في ساحة الله الكبرى على نغم الأرغن وصلاة الكاهن خلوة الروح. . . بالروح!. . وقالت له فيما قالت أنها أم لابنة أيضاً وكان الرجل يصغي لها وهو يرتشف الكلام ارتشافا ويسكر من جرسه سكرا لا يعرفه إلا صرعى العواطف المؤججة. وأحيط قلب الرجل بشغاف من حسنها وإخلاصها وعرف انه باخع نفسه على آثارها أن هو لم يحط الخطوات الأخرى في إخراجها من دنياها السابقة إلى دنياها اللاحقة، وينعم بها ويبذل لها النعيم المقيم وفاتحها في الأمر مفاتحة الخائب المترقب رفضاً أو إعراضاً وأعاد عليها المفاتحة صابرا متفائلا، ثم أعاد حتى انتهى معها إلى خاتمة البداية فمهدت له زورة في دارها يحتسيان فيها الشاي ويبحثان الموضوع بحثا جديا جديداً.
وكان هذا - فرأى الرجل أن يجمل لابنة الحبيبة هدايا يعقد بها معاهدة التحالف وحسن الجوار فقد تحدجه الطفلة غيري. وقد يحز في قلبها اللدن الغرير أن تجد رجلا يحل من قلب أمها الحلوة الشابة مكانا ودخل الرجل خميلتها موقرا بهداياه لابنتها هدايا من الألاعيب لبنات خمس أو دونهن قيلا. . . وحفت للقائه. . ثم كان كلام وحديث ثم عرض هداياه سال عن الطفلة فأخبرته أنها في حاشية الحديقة تلهو وتلعب وان من الخير له أن يذهب بالهدايا إليها ويفاجئها فان هذا قد يكون ادعى لبهجتها وسرورها. فعل الرجل هذا وانتهى إلى الطرف الذي أشارت إليه الأم وهتف باسم الطفلة فردت عليه كاعب على العشب في