الماضي نايا ولتطو ذكريات حبها وزواجها. . . وولادة طفلين حبيبين وأمومة وفشلا وطلاقا جاهدت من اجله واستحقته استحقاقاً طي السجل للكتاب. ولتمش في هداة الليل البهيم في ثوب اسود حتى لا يراها الشيطان الذي استأجرها لروحه ومغداه ولتسر طويلا، ولتعبر النهر خائفة مذعورة ولتنظر من ورائها ومن جانبها وليرها القمر الآفل خيالها المعقب المتأثر الملحاح المستهزئ ولتسر من شارع إلى شارع لا ترى إلا النوافذ المغلقة ولا تبصر إلا السكون المتمطي، ولتغذ السير حافية إن أرادت منتعلة أن شاءت ولتمش في نفس المسالك التي مشت فيها سيارة الخاطب الموهوم أو الكاذب المشئوم ذلك الذي اتخذت منه مدلها ممعنا في الغلام ولتسمع ضحكاتها من السيارة التي مرت في دماغها ولتذهب إلى ساحة كبرى ليست من سوح الله لا لتفض همومها وآلامها، بل لتقف وقفة المدان تستنزل عليها اللعنة الكبرى باردة في هجمة الليل وهداة الظلام لتذهب فقد اخذ مدى عينها يستوعب بنية سوداء في المبنى المحيطة بها تحدق بها حديقة ساهمة هاجعة. . والكوي راجعة إلى طبعها السادر الحالم في أخريات الليالي لا نفضي بأسرارها. وهنا؟ هنا. رأت نفسها غير مرة على متن سيارة إلى جانب قريب أو خاطب. . في ألوان زاهيات لا تقربها من الأمومة أبداً. . فهي توكل السيدة البادنة ربة المنزل بخصائص الأمومة التي برئت نفسها منها. . تنساب هي مع مقتضيات الحديث من جانبها جادة أو هازلة حتى تنقضي الزيارة المبتورة بأن حمل للطفلين عن الأم المحمولة على غارب الهوى. فاكهة يطعمانها عن غير يدها وغير قلبها. فلتقف هنا. . ولتنتظر نزول اللعنة في منبلج الفجر.!
وجاوزت السياج واتقت إلى الكوة ارتقاء مزعجا، فالكوة لا تريدها، ونظرت عل خيوط الشفق البيضاء الأولى بين الأطفال الهاجعين في ذلك الملجأ. . طفلين. . هما الوحيدان اللذان فيهما معنى اليتم. . وما هو باليتم من فقدان الأبوين بل من فقد العطف ولاحمان عند هذه الأم الأغلف قلبها فلا يعقل. . الصم آذانها فلا تسمع. العمى عيونها فلا تبصر، وطفلاها اللذان حملتهما كرها ووضعتهما كرها. . في ملجأ الأطفال الغافلين العاثرة جدودهم. . الطائشة حيلتهم. . صبرهم هباء. . وأفئدتهم هواء.
وتشرق الشمس فتتمطى هذه الأم مفيقة من الحلم الذي أسرى بها ليلا من المنزل إلى الملجأ. . من حيث لم تبرح فراشها