للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المرتجل فهو الموت في مهده على ميعاد. . .

حكايات (أبو النواس):

جاء في العدد الخاص (بالفراشة) من مجلة الاثنين، فصل في (الفراشة عند العرب) احتوى على بضع حكايات قدم لها بما يلي: (كان العرب يتذوقون النكتة ويجزلون العطاء لقائلها، وقد حفلت كتب الأدب العربي القديم بألوان طريفة من الفكاهات ويرى القراء طائفة منها فيما يلي) والقارئ المستنير يتوقع أن يطالع بعد هذه المقدمة ملحا وطرائف من التي حفلت بها كتب الأدب العربي حقا، والتي هي جديرة أن يزود منها عدد خاص بالفكاهة أو (بالفراشة) كما أطلقوا عليه؛ ولكن الحكايات التي أتى بها إنما هي من التي يتبادلها العامة، ويحصلونها من الكتيبات التي وضعها لهم بعض الوراقين وخاصة ما كان منها عن (أبو النواس) كما يسميه العوام؛ وإلا فقل لي أي كتاب من كتب الأدب العربي القديم حكى عن الرشيد انه أراد أن يفاجئ أبا نواس بزيارته في داره فاختبأ أبو نواس وراء الباب وأزعج جواد الرشيد وهو يهم بالدخول فسقطت عمامة الرشيد فتطير من ذلك وأمر بضرب عنق أبي نواس فيضحك أبو نواس معللا ضحكه بأنه يقتل بغير سبب، فيقول له الرشيد:

- إنما أقتلك لأنك مشئوم الطالع. فقد (اصطبحت) برؤيتك فسقطت عمامتي!

- وأنا اصطبحت بوجهك ففقدت حياتي، فأينا أكثر شؤما؟ فهل كان من طبيعة العلاقة بين الرشيد وأبي نواس، وهل يليق بهما، أن يحدث بينهما هذا الذي يشبه لعب الأطفال المسمى (استغماية)؟ وهل كان خلفاء المسلمين يقتلون للطيرة وشؤم الطالع. .؟ وهل يصح أن يساق هذا الكلام المسف المبتذل على انه فكاهات مختارة من الأدب العربي؟!

لقد كان يمكن تحقيق الرغبة في الإضحاك بإيراد طائفة من فكاهات الأدب العربي (الحقيقية) التي يزخر بها (الأغاني) و (العقد الفريد) و (عيون الأخبار) و (ذيل زهر الآداب) وغيرها من كتب الأدب. وكان يمكن بهذه الفكاهات الجمع بين (الفرفشة) والمتعة الفنية، وكان كل ذلك خيرا من حكايات (أبو النواس) التي لا منفعة فيها إلا أن تفغر أفواه الفارغين. . .

شخصية الفنان:

<<  <  ج:
ص:  >  >>