نشرت بعض الصحف البيروتية خبر حادث أسفت له، وأشارت إلى سوء موقعه من النفوس، ذلك أن الأستاذ محمد عبد الوهاب كان في مجلس (عالية) ضم نخبة من رجال السياسة والأدب، وفيهم الأمير مجيد أرسلان وزير الدفاع في لبنان، الذي طلب من عبد الوهاب أن يغنى فرفض واختلفت الروايات فيما حدث بعد هذا الرفض، فقيل انه حدثت مشادة تخللها اعتداء وقيل أن الوزير نهض واقفا كأنه يهم بالاعتداء. . وتدارك الحاضرون الموقف فانتهى بسلام وكذبت الحكومة اللبنانية (أن وزيرا حاول ضرب الأستاذ محمد عبد الوهاب في عالية) وقالت انه خبر عار عن الصحة. ونفى الحكومة ينصب على الاعتداء ومحاولته، أما الاجتماع وما كان فيه من طلب الغناء ورفضه فلم يكذب خبره. وهذا الجزء من الخبر هو الذي يتعلق به موضوعنا أما الإساءة إذا كانت قد وقعت فاليقين أن إخواننا اللبنانيين قد عالجوها أمرها على خير ما يرجى.
أما الذي أرمى إليه فهو (شخصية الفنان) التي حفها عبد الوهاب برفضه إجابة طلب الغناء فهو اعتزاز في موضعه، وحفاظ على كرامة الفنان أن يكون طوع إشارة وزير أو كبير. وقد مضت العصور التي كانت الفنون فيها تعيش في ظلال الكبراء، وصار الفنان (من موسيقى وأديب وغيرهما) يستمد عزته من فنه ومن جمهوره، كما تستمد الحكومات الدستورية سلطاتها من أممها. .
تلك هي روح العصر في الفن وهي اثمن ما كسبناه، وهي تتمثل في أولئك الأعلام الذين برزوا في حياتنا الفنية بأنواعها نهضوا على سوقهم ومشوا بجهودهم إلى غاياتهم مسددين ويسير الجميع الجديد على أثرهم في هذا السبيل، من الشعب نحو الشعب، يرعى الجميع جلالة الفاروق.
أبو زيد الهلالي:
كتب إلى الأستاذ عبد الحميد يونس ما يلي:
(طلب المدير المنتدب للإذاعة المصرية في عهدها القومي إلى الأدباء والكتاب أن يشاركوا بأفكارهم وأقلامهم في تدعيم هذه المؤسسة الثقافية العظيمة التي بلغ من خطورتها في توجيه الرأي العام أن احتفلت بها الهيئات الدولية العليا، وقد رأيت أن أتقدم إلى هذه