بالتهم الباطلة، يقول الشبان إن الأدباء الكبار يحتكرون سوق الأدب حتى إنهم لا يمكنونا من عرض بضاعتنا، ويقول الكبار أنا لا نحتكر وإنما يقبل علينا الناس، وقد تعبنا حتى وصلنا إلى هذه المنزلة. وتسأل الشبان إيضاحاً فيقولون إن الأدباء الكبار يشرفون على النشر ونقدم لهم فلا ينشرون لنا ويؤثرون علينا الأسماء المشهورة. وهذا حق يقارنه حق آخر: إن كثيراً من الناشئين يريدون أن يزاولوا الأدب بالإنتاج فحسب. . . أي من غير درس ولا تحصيل ولا تخرج!
أما إيثار الأسماء المشهورة فهو ضعف بشري عام مصدره الرغبة في الرواج، وهو في الأدب وفي غيره، وهو عند غيرنا كما هو عندنا، والسبيل إلى التغلب عليه هو جهاد الناشئين الشاق الدائب. على إنه مما ييسر عليهم هذا السبيل إن هؤلاء الذين اغتروا بشهرتهم قد بدأت عروشهم تهتز لعكوفهم على لذة الكتابة الهينة اللينة وثملهم بما يصيبون منها. ولكن المعضلة يا سيدي اللبيب الفطن هي: من يحل محلهم؟ أو بعبارة أخرى هل هناك ثوار يقدرون على البناء إن قدروا على التقوبض؟
إخواني الشبان، لقد غضب بعضكم مني لأقل من هذا، وستتم بهذا غضبتكم، ولكني أقول لكم مخلصاً صريحاً: إنكم عزل فتسلحوا بالجد لتكسبوا المعركة، كما تسلح وكسبها شيوخنا في شبابهم إذ أجلوا شيوخهم عن الميدان.
وقد ترى أن ندع لغة السلاح والقتال ونتكلم بروح المودة نحو الأساتذة والآباء فنقول: تزودوا أيها الشباب لتأخذوا أماكنكم بجوار آبائكم، لتحسنوا خلافتهم وقيادة جيلكم.
دفاع عن الكسل:
ظهر في هذا الأسبوع مقالان في الدفاع عن الكسل لكاتبين كبيرين هما الأستاذ عباس محمود العقاد والفيلسوف الصيني (لن يوتانج) الأول في مجلة (الهلال) والثاني في (المختار من ريدرز دايجست).
ولعل ذلك الدفاع من فعل هذا الحر الذي يغري بالكسل، وإن كان لم يمنع من النشاط في الدفاع عنه!
دافع الأستاذ العقاد عن الكسل، فكان من أحسن ما جاء في دفاعه قوله: (وإذا كان الأخيار في هذه الدنيا هم القلة النادرة وكان الأشرار فيها هم الكثرة الغالبة، فهل يكون ترك الأعمال