والممثلات في مصر، والحكومة تسخو عليها، وهي مع ذلك تتعثر في خطواتها، ويظهر إنها قد استمرأت التواني والتثاقل في ظلال الحكومة فجعلت تعيش الزمن الطويل على بضعة روايات قد حفظ الممثلون أدوارهم فيها ومل الجمهور مشاهدتها، وهي هي في الشتاء وفي الصيف، فقد لاحقته بها في مصيف رأس البر ثم في الإسكندرية، فكان من الطبيعي ما منيت به من الإخفاق وفي يوم الأحد تضمن برنامج الإذاعة تمثيل الفرقة المصرية رواية لويس الحادي عشر بمسرح الهمبرا بالإسكندرية، فإذا بنا نسمع بالموعد المحدد لهذه السهرة تمثيلية (الموت يأخذ إجازة) وهي من (مسجلات) الفرقة أيضاً، وإذا بنا نسمع صوتاً في أثناء الفصل الثاني يرتفع قائلاً:(عاوزين نسحر!) وهذا يدل على ضيق النظارة بالتمثيل وقد يضاف إليه حر المكان الذي لا يطيقه الوافدون من شاطئ البحر. . . وقد انقطع التمثيل فترة، ثم استؤنف!
والذي نراه من أسباب هذه الأزمة المسرحية:
١ - ضعف حركة التأليف المسرحي، فأكثر الروايات التي تعرض إما مترجمة أو مقتبسة، والجمهور متعطش إلى المسرحيات القوية العديدة التي يرى فيها صورة نفسه.
٢ - إهمال الفرق الأهلية الذي أدى إلى قعودها عن العمل فأنعدمت المنافسة بين المسارح.
٣ - عدم وجود المسارح الملائمة وخاصة في الصيف، وهذه القاهرة العظيمة ليست فيها مسرح صيفي واحد وحبذا لو أنشئ هذا المسرح الصيفي وبجانبه آخر شتوي على أرض ثكنات قصر النيل التي اختلفت الآراء فيما يشغلها.
٤ - ارتفاع أسعار دخول المسارح الذي صرف الناس عنها إلى (السينما).
وإقالة المسرح من عثرته إنما تكون بتلافي أسبابها، وترى من الأسباب المتقدمة إن أكبر جهد في إزالتها إنما يرجى من الحكومة، وما دامت الدولة تعترف بأن المسرح الراقي من وسائل التثقيف والتنوير فلا بد أن تبذل ما في وسعها لأحيائه وتمكينه من تأدية رسالته. وهي تنفق الكثير في استقدام الفرق الإيطالية والفرنسية والإنجليزية للتمثيل بالأوبرا لفائدة الطبقات العالية، فحق سائر الشعب عليها أن تيسر له موارد هذا الفن، فتحقق (تكافؤ الفرص) في التثقيف العام كما تعمل على تحقيقه في التعليم المدرسي.