للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من تصدى لموضوع عثمان بن عفان فأخذ المسألة من جميع أطرافها، وتناولها من ألفها إلى يائها كما يقولون، فدرس درساً مستفيضاً ووازن بين الروايات وأحسن وزنها وأخرج للإسلام وللعربية هذا الكتاب. وقد حاول المؤلف القضاء على كثير مما وقر في أذهان الخاصة والعامة مما يقدح في سلامة تصرفات ذي النورين، وقد وفق في كثير وأنه ليحسن الحجاج، ويوفق في الجدل، ويرمي برأيه غير هياب ولا متردد، اقرأ إن شئت قوله ص ٨٦ (لقد وقع في أوهام كثير من الناس، وتحدر إلى منازل التاريخ، ولقن شباب المسلمين في المدارس، ومعاهد التعليم، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان ضعيفاً في موقفه إزاء هذه الأحداث العاصفة، أو كان مستضعفاً يساق إلى ما يراد. وهذه غلطة تاريخية خطيرة في حق ثالث عظماء الإسلام، يجب على كل مسلم سليم العقيدة صحيح الفهم لتاريخ الإسلام أن على تصحيحها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فما كان أيسر على عثمان - لو أراد - أن يصنع صنيع يزيد بن معاوية فيتخذ له ولاة من نظائر زياد (كذا) وابنه عبيد الله، أو مثل صنيع عبد الملك بن مروان وابنه الوليد فيحكم في رقاب المسلمين أشباه إخيفش ثقيف ممن استباحوا البلاد وأذلوا العباد حتى تدين له الدنيا ويصفو له الملك) ثم يردد هذا المعنى في موضع آخر فيقول (وهل كان عثمان رضي الله عته عاجزاً أن يتخذ لنفسه (حجاباً) يجعله جلدة ما بين عينيه ويسلطه على أبشار الأمة بسياط القهر والجبروت، ويطلق يده في دمائها يعب منها ما يشاء حتى تخضع وتذل، وحوله من ذؤبان العرب، وفتيان أمية، من يستطيع أن يصطنع منهم العدد الكثير ممن غلظت أكبادهم، وقست قلوبهم؟). وهكذا يمضي المؤلف قوياً متحمساً يدفع عن عثمان ما (وقع في أذهان كثير من الناس).

ولا يمكن من يكتب عن هذا الكتاب أب يتجاهل أسلوب المؤلف فيه، هذا الأسلوب الناصع الديباجة، القوي الأسر، العربي الرصين، وإن ذلك تجده في كل صفحة من صفحات الكتاب.

هذا وإننا لنقف قصيراً مع المؤلف في هذا النهج الذي انتهجه، فقد جعل اللبنة التي أقام عليها بناء كتابه دراسته لأخلاق عثمان الشخصية، وذلك حين يقول: (وقد تأكد عندي أن أعدل ميزان لوزن الرجال وتقدير أعمالهم، ومعرفة الصحيح من الزائف فيما ينسب إليهم، وكتابة سيرهم كتابة تقربها من الحق والإنصاف إنما هو دراسة أخلاقهم الشخصية، وتعرف

<<  <  ج:
ص:  >  >>