للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اللغة لأن شواهد هذا الاستخدام متكررة في كل مقام.

وقد نجاري الأديب المستفسر عن رأيه في خلق الخليقة الحية فنقول إن العالم الطبيعي لا يطالب حتماً بخلقها في المعمل ليجوز له أن يقول إنها قوة مادية وليس فيها زيادة على القوة المادية.

ولكنه يطالب حتماً بمعرفة العلة التي تفرق بينها وبين الذرة المادية ليقول إن هذا الفرق من المادة وليس من شيء غيرها. أما أن يجزم بمصدر هذه العلة وهو لا يعرفها ولا يستطيع أن يصفها فهذا هو الإدعاء بعينه وليس هو العلم الطبيعي المزعوم.

وإذا كانت المصانع قد أخرجت مادة البروتوبلاسم التي هي مادة الحياة كما يقول الأديب المستفسر فهذه المصانع قد أثبتت أن للحياة سراً غير سر المادة ولم تثبت أن الحياة كلها من المادة وإليها؛ لأن البروتوبلاسم الذي أخرجته المصانع لا يتغذى ولا يتجدد ولا يتحرك كما تفعل الخليقة الحية. فهو إذاً (بروتوبلاسم ناقصاً للحياة). . . وبقي السؤال قائماً كما كان: ما هي الحياة؟.

أيقول الأديب المستفسر إنه من فعل الزمن الطويل؟ لقد قال ذلك فعلاً حين قال إنه لا يبقى إلا الزمن لتشبه المادة المصنوعة مادة الحياة).

فمن الواجب أن نذكر هنا أننا نسأل: ما هي الحياة؟ ولا نسأل في كم من الزمن نشأت الحياة؟.

وهي سواء نشأت في دقيقة واحدة أو في عشرين مليون سنة شيء له حقيقة، فما هي هذه الحقيقة؟

على أن الزمن الطويل عنصر داخل في تركيب المادة التي نعرف ما بينها من الفروق والمشابهات.

فلماذا نعرف الفرق بين الحديد والنحاس وقد مضى على تكوينهما ألوف السنين، ولا نعرف الفرق بين البروتوبلاسم الحي والبروتوبلاسم الذي تخرجه المعامل ويصنعه العلماء؟

أقل ما ينبغي للعالم الذي يصون كرامة علمه أن ينتظر ويؤجل حكمه، لا أن يجرم بحقيقة شيء لا يعرفه ولا يستطيع أن يعلل الفرق بينه وبين غيره من الأشياء.

ومن الإدعاء البعيد أن يقال إن كشف الذرة قد وضع سر المادة في أيدي العلماء، أو قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>