للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أميل إلى الأخذ بهذا التفسير.

ولا نزاع في أن فن التنويم فيه عنصر مادي وآخر معنوي. فالعنصر المادي هو ذلك الذي بسطناه من قبل كالنظرات والسحابات. . .

وأستطيع أن أشم جسم الإنسان بزجاجة، وما فيه من لحم وعظم ودم ببرادة الحديد. فإذا مر قضيب المغناطيسي بهذه البرادة انتظمت في داخل الزجاجة وتأثير الجاذبية. كذلك جسم الإنسان يتأثر بالتيارات المغناطيسية التي يوجهها المنوم توجيهاً صناعياً فتنتظم ذرات جسمه. ويقال في هذا الباب إن المرء إذا أراد أن يكسب جسمه قوة مغناطيسية فعليه أن ينام ويجعل رأسه إلى الشمال ورجليه إلى الجنوب، والشمال كما نعلم هو القطب المغناطيسي للأرض. .

وليس في تعلم التنويم أي خطر، وإنما الأولى أن نسأل ما هي الثمرة التي نجنيها من تعلمه، وهل تستحق أن ينفق فيها المرء الجهد والزمن؟ ونقول إن للتنويم ثمرتين، الأولى في العلاج من الأمراض العصبية، والثانية في معرفة المستقبل. وقد ثبتت عدم جدوى التنويم في العلاج كما ذكرنا، ولم يثبت أن الوسطاء يعلمون الغيب. وقد نشط العلماء خلال الحرب الأخيرة يجربون تجارب حديثة تختص بفوائد التنويم، منها الاستغناء في العمليات الجراحية عن التخدير بالعقاقير، والاستفادة من التنويم المغناطيسي وما يحدثه من تأثير. ولا تزال هذه التجارب في البحث.

الخلاصة أن التنويم المغناطيسي علم وفن، له أعظم الصلة بعلم النفس بل هو فرع منه، وهو على التحقيق فصل من باب الإيحاء؛ فإذا العلم بالنفس يتعارض مع الدين، فالتنويم المغناطيسي يتعارض بطبيعة الحال. غير أنه لا وجه للتعارض بين علم النفس والدين، بل العلم بها مطلوب للوصول إلى اليقين، وفي ذلك قال تعالى (وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون).

ويمكن أن ننقل القضية إلى ميدان أوسع فنقول: هل يتعارض العلم إطلاقاً مع الدين؟ وهذا بحث شغل أذهان الباحثين خلال القرن التاسع عشر، ثم خفت حدة الخلاف وتم الوفاق أخيراً بين العلم والدين. وهذه النزعة التي نشاهدها الآن في أوربا وأمريكا حيث يسود العلم تبين لنا اتجاه الناس نحو الدين بعد موجة الإلحاد والزندقة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>