٣ - ويحيى بن حمزة بن علي العلوي أمير المؤمنين وصاحب كتاب الطراز (٦٦٩ - ٧٤٩هـ) - وهو الذي ذكر أن عبد القاهر صاحب هذا الفن - لم يطلع على كتابيه وفي ذلك يقول (وله من المصنفات فيه كتابان أحدهما لقبه بدلائل الإعجاز والآخر لقبه بأسرار البلاغة، ولم أقف على شيء منهما مع شغفي بحبهما، وشدة إعجابي بهما إلى ما نقله العلماء في تعاليقهم منهما) وهو بعد قريب عهد بعبد القاهر، وفي مكنته أن يبعث من يجوب الآفاق يبغيهما له.
ويبدو أن الكتابين كانت لهما شهرة في بلاد الشرق، ومن ذلك أمكن السكاكي والزمخشري وهما من جرجان، أن ينتفعا بهما، كما أمكن سعد الدين التفتازاني وغيره من علماء البلاغة المشارقة أن يتتلمذوا على عبد القاهر في البلاغة، أما ابن خلدون فقد انتهى به المطاف إلى مصر ولم يجاوزها إلى المشرق إلا في رحلته إلى تيمورلنك وهي رحلة قصيرة ولذلك لم يتهيأ أن يطلع عليهما، وقد يقال أنه رأى شيئاً منهما في كتب العلماء ولاسيما الإيضاح للخطيب القزويني فقد أشاد به ولكنا نقول أنه لم يكن يعرف حقيقتهما، ولو عرف لكان له مسلك آخر في تاريخ علم البيان.
ولعل السر في خمول الكتابين أن الإمام لم يخرج من بلده على عادة العلماء في الرحلة، كما كان لشهرته (بالنحوي) أثر في ذلك، فقد طغى نحوه الواسع العريض على بلاغته.
وإنا لنأخذ على ابن خلدون أن نسب تهذيب البديع إلى السكاكي، والحق الذي لا يمارى فيه أن المصطلحات البديعية عرفت في كتاب ابن المعتز كما عرف كثير منها في كتاب (الصناعتين) لأبي هلال العسكري.