للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واجتماعاتها مجالاً يتلاقى فيه رجالات العرب ومفكروهم وأساتذتهم لا أن تكون مجالاً لموظفي الحكومات فحسب، وإلا فإنها ستكون عديمة الجدوى قليلة الفائدة. . .

لقد كان الواجب على الجامعة أن تترك الحكومات وموظفيها جانباً، وأن تعتمد في مؤتمراتها على رجال الفكر الأحرار فتتيح لهم الفرصة للبحث والمناقشة وتبادل الرأي، فإن هذا هو الأليق بمهمة الجامعة وغرضها في توثيق الروابط الثقافية، أما أن تجعل مؤتمراتها قاصرة على موظفي الحكومات الذين تعنيهم الرحلة للنزهة أكثر من الرحلة للعلم فإن ذلك مما يذهب بقيمة هذه المؤتمرات، وسيذهب أولئك الموظفون إلى تلك المؤتمرات، ثم يعودون ليضعوا تقريراً بما رأوا وشاهدوا، ثم تمضي الأيام وتمضي ولن يرى ذلك التقرير ضوء النهار. . .

وكم ذا بمصر من المضحكات!

في القرن الرابع للهجرة جاء المتنبي إلى مصر مادحاً لكافور الإخشيدي، مؤملاً أن يجسد مقاماً طيباً في رحاب المصريين، ولكنه سرعان ما ضاق بهذا المقام فهرب ناجياً بنفسه، وقد أصلى كافوراً والمصريين الهجاء المقذع المرير. . .

ويقول مؤرخو الأدب: إن المتنبي كان يطلب ولاية من كافور، فلما أباها عليه لجأ إلى هذا الصنيع الذي صنع، والواقع الذي يدل عليه شعر الرجل غير هذا، إنه ضاق بمصر وبالمصريين، لأنه رأى الأوضاع فيهم مقلوبة: رأى أعجمياً يدرس أنساب العرب فقال:

وكم ذا بمصر من المضحكات (م) ... ولكنه ضحك كالبكا

بها نبطي من أهل السواد ... يدرس أنساب أهل الفلا

ورأى عبداً خصياً ناقص الرجولة يحكم رجالاً من المصريين اكتملت لهم كل صفات الرجولة فقال:

لا شيء أقبح من فحل له. . . ... تقوده أمَة ليس لها رحم

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم ... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!

وقد كان في إقليمنا واعظ يعظ الفلاحين فيقول: أيها الناس إياكم وتعاطي الحشيش الأخضر الذي تأكله البهائم، وإنما أقصد الحشيش الذي مثل هذا. . . ثم يخرج من لفائف عمامته قطعة من ذلك المخدر القاتل فيطلعهم عليها. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>