للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحريري في إحدى مقاماته بين الكاتب المنشئ والكاتب الحاسب، وقال الدكتور: إن الفكرة في هذه الموازنة جديدة عند الحريري فما سبقه إليها باحث من المسلمين.

قلت هذا حكم يحتاج إلى التحرير والتصحيح، فإن الفكرة في الموازنة بين الكاتب المنشئ والكاتب الحاسب قديمة في الأدب العربي، وتسبق الحريري بأجيال وأزمان، فقد كان الكتاب الحاسبون يعرفون بكتاب الخراج، وقد أشار عبد الحميد الكاتب في رسالته التي توجه بها إلى الكتاب إلى هذا المعنى إذ يقول: (ولا تضيعوا النظر في الحساب، فإنه قوام كتاب الخراج). والواقع أن الحريري وجد مادة متوفرة لتلك المناظرة التي عقدها، حتى الأوصاف التي خلعها على الكاتب المنشئ والأخرى التي وصف بها الكاتب الحاسب قد أخذها كلها عن الكتاب السابقين وليس له فيها من فضل إلا المقابلة والمزاوجة وإيثار السجع في التعبير

ولقد كان رجال الأدب والعلم ينظرون إلى الكتاب الحاسبين نظرة إغضاء على العموم، وكانوا يعتبرون علم الحساب من العلوم التي لا تحتاج إلى موهبة خاصة أو فطرة سمحة، وكانوا يسمونه علم الصبية، ولا يحسون على الأخذ منه إلا بقدر ما يعين على معرفة التقسيم في علم الفرائض. وقد ظلت آثار هذا الرأي بادية بين علماء الأزهر إلى عهد قريب؛ وكل ما أريد أن أشير إليه هو أن الحريري لم يكن المبتدع لهذه الفكرة ولا أول من جال في مجالها كما ذكر الدكتور. . .

(الجاحظ)

<<  <  ج:
ص:  >  >>