للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغرب.

وأصل الداء في كل هذا أننا نسلخ عن بيئتنا ونقتلع أرواحنا من منابتها الأولى، ويتمثل هذا في الناشئ الذي يتعلم في (كتاب) القرية، ثم في مدرسة المركز الابتدائية، ثم في الثانوية بعاصمة المديرية، ثم في جامعة القاهرة أو الإسكندرية، وقد يذهب إلى ما وراء البحار؛ وهو في كل مرحلة من هذه المراحل يبتعد عن القرية بعقله وروحه بمقدار ما انقضى من الزمن وما بعد من المسافة، فإذا رجع إليها وشعر بالفارق بينه وبين أهله وأهلها لم يطب له المقام فيها. . . فيهجرها. . .

وليس لهذا النقص في فنوننا إلا علاج واحد، هو الذي أشار به الفاروق، وهو أن نعيش في مواطننا ونحس بما يضطرب في عالمنا ونستوحي طبيعتنا، ليكون فننا صورة لنا وعنواناً علينا، ويكسب بذلك الروح الذي يكون به فناً حياً.

السجل الثقافي:

رأت المراقبة العامة للثقافة بوزارة المعارف أن كثيراً من الهيئات الرسمية والحرة تقوم بنشاط ثقافي متصل لا يعرف عنه إلا القليل، ولو عرض هذا النشاط متجمعاً واضحاً لكان دعاية قوية لمصر، ولكان مادة نافعة تمكن الدارس من متابعة سير تلك الهيئات وإنتاجها وتوجيهها فيما يزيد الانتفاع بها؛ فتقرر إنشاء قسم بها للقيام بتجميع نشاط الهيئات الثقافية، وسمي (إدارة التسجيل الثقافي) وعمل هذه الإدارة تسجيل مظاهر النشاط الثقافي في البلاد من كافة جوانبه، عدا الجانب الذي تضطلع به معاهد التعليم وفق برامجها الرسمية، ليجتمع للباحثين في شئون الثقافة العامة أسباب العلم بما بلغته البلاد من التقدم العلمي، ومدى وعيها الثقافي، وما ينتظر أن تبلغه على الأيام في هذا السبيل، ليؤدي ذلك إلى غايتيه الطبيعيتين:

الأولى تعريف ضيوف مصر والمهتمين بشئونها من الأجانب، المكانة التي بلغتها مصر من الثقافة العامة.

الثانية إعداد البيانات والوثائق التي تحتاج إليها الحكومة، والهيئات العلمية، والمثقفون في البلاد، لتدعيم النهضة الثقافية، وتوجيهها الوجهة الكفيلة بتحقيق مصلحة البلاد، وتكميل النقص فيها، ومدها بأسباب القوة والاستمرار، حتى تكون مشروعات البلاد وبرامجها الثقافية العامة مستندة إلى أساس، قاصدة إلى هدف.

<<  <  ج:
ص:  >  >>