والسويد والنرويج حتى ولايات ألمانيا والولايات المتحدة خضعت لهذا النظام العجيب الذي فرضته حكومة قليلة العدد ولكنها كثيرة البطش. وكانت قواتها المسلحة تتراوح بين ١٥ و٢٠ ألف مقاتل من الجنود الأتراك أو أبناء هؤلاء من أمهات وطنيات وكان ينضم إليها رجال من قبيلة زواوه وهي التي حرفها الفرنسيون فأصبحت فرق الزواف المشهورة التي قامت على متطوعي هذه القبيلة وبقايا جند حكومة الجزائر النظامية.
وعلى هؤلاء الجنود اعتمد الدفاع عن المدن السياحية عند مهاجمة الفرنسيين ولما تثبتت قواعد حكمهم جندوا من الأسرى أول فرقة وطنية للاستعانة بها.
أما في الداخل فقد قامت قوة الدفاع على جماعات المقاتلة من رجال القبائل وهم مشاة وفرسان على طريقة حروب البادية، ولما اشتدت المعارك فكر الأمير عبد القادر في إدخال النظام العسكري الحديث مقلداً المحاولات التي حاولها كل من محمد علي والسلطان محمود العثماني، ولاشك في أن هذه المحاولات قد بهرت أنظاره وتطلع إليها وحاول تقليدها.
وفي سيرة الأمير ذكر ابتداء هذه الحركة وانتشار الدعوة إلى تجنيد الأجناد وتنظيم العساكر تحت اللواء المحمدي وإيجاد دفاتر لقيد الجنود الذين بدءوا تدريبهم وأتموا تعليمهم ورسم الذين حملوا السلاح منهم، كما فيها وصف كامل لأصناف الفرق من مشاة وفرسان ومدفعية وطريقة التعبئة والسير والنزول في المعسكرات ويظهر أن هذه القوة مع اهتمام الأمير عبد القادر بها لم تكن هي التي يقع عليها القتال وحدها وإنما كان الكفاح موكولاً إلى رجال القبائل وكانت هي بمثابة قوات ثانوية مساعدة ومكملة.
أما الفرنسيون فكانوا على علم تام بطبيعة الأرض الجزائرية من ناحيتها الجغرافية والطبوغرافية ولديهم الخرائط المفصلة عنها، فقد أثبتت المراجع الرسمية أن نابليون الأول أرسل ضابطاً فرنسياً إلى الجزائر عام ١٨٠٨ وكلفه أن يدرس بالتفصيل مشروع الحملة الفرنسية ووضع الخطط العسكرية الشاملة، وقد قام هذا الضابط بمهمته وصحح المواقع على الخرائط ورفع تقريراً وافياً عن الشاطئ الإفريقي والأماكن التي تصلح لإنزال الجنود وأشار إلى الطرق والآبار والوسائل التي تؤدي إلى حشد القوات وربطها والسير في حلقات الحملة، ولم يكن لدى الفرنسيين عند عدوانهم سوى إخراج هذا التقرير من ملفات وزارة الحربية وتقييد ما فيه وهذا ما حدث في عدوان سنة ١٨٣٠. إذ أنزلت الفرق في الأماكن