المختارة في هذا التقرير وتحت تجارب حملة مصر عند احتلالها مدينة الإسكندرية واختيارها منطقة العجمي التي تشبه سيدي فرج.
ولم يكن الفرنسيون على جهل بأساليب القتال لدى المسلمين، فهم قد حاربوا المماليك في معركة أمبابة ورأوا ما يمكن أن تقوم به أساليب القرون الوسطى أمام جنود معبأة على الطرق الحديثة، ثم هم لم يهملوا تتبع التطور الذي أدخل على أنظمة جيوش المسلمين، فقد كان من ضباطهم وقوادهم من رافق حملات مصر ضد الوهابيين وكانوا في الصفوف الأولى يقيدون حركات المصريين ودفاع الوهابيين ويكشفون عورات الجانبين ثم يستفيدون من كل ذلك في حروبهم بالجزائر.
واختير للقيادة البرية الماريشال بودمون وهو من رجال سنة ١٨١٥ أي من الضباط الذين قاتلوا في معركة واترلو وحضروا معارك نابليون فأسندت إليه آمرية حملة بنيت على تقرير ضابط من ضباط نابليون، وكان على الأسطول الأميرال دوبريه ولكل منهما طابعه الخاص ورغبته في الانفراد والتسلط فما لبث أن دبَّ الخلاف بينهما ولولا تعليمات الحكومة الصريحة أنه إذا اختلف الرأيان، فضل رأي المارشال وأسندت إليه القيادتان البرية والبحرية لاستفحل بينهما النزاع ولفشلت الحملة.
ولعل أعظم ما ساعد الفرنسيين على التغلب هو أعمال المدفعية التي تجرها الخيول فقد امتازت منذ الساعة الأولى كما ذكرنا بقوة نيرانها وتوفيقها في إصابة الأهداف وسرعة حركتها، فكانت أول عامل من عوامل النصر لديهم، كانت كمدرعات هتلر وفرقة البانزو الألمانية في الحرب الأخيرة، وهي الميزة التي كانت لدى الفرنسيين على جند حكومة الجزائر وعلى العرب المجاهدين ولولا هذا القطع من المدفعية لكانت الحرب بين الفريقين على مستوى واحد من تكافؤ فرص وتكافؤ معدات القتال.
فلننظر إلى ساحل ممتد مئات الأميال عليه مدن ومرافق متعددة ويتكون الداخل من سلاسل جبال ووديان ورمال تصلح للحروب ويسمح للقبائل والعشائر التي تسكنها أن تتولى عملياتها بكل سهولة ضد الجيش المهاجم سيما وهي من جماعات ألفت الحروب.
على هذا الميدان نزلت قوات فرنسا بمعداتها الثقيلة ومهماتها الأوربية لتواجه أهل البلاد ولديهم ثلاثة أصناف من المقاتلة. جند حكومة الجزائر وحكام المقاطعات الجند النظامي