فلسطين جزءاً من مملكتهم والواقع وكما تحدثنا التوراة أن العبرانيين كانوا ضد أي نوع من أنواع الحكم وأنهم لم يرتضوا أن يكونوا لهم مملكة لأن صفة البداوة كانت هي الصفة الغالبة عليهم، وأنهم حتى في أيام مملكة شاوؤل وداود وسليمان وهي المملكة التي يتغنى بها الصهيونيون لم يكونوا ينظرون إليها نظرة ارتياح وأن عهدهم لم يكن يخلو من اضطراب وثورات ولذلك كانوا عرضة للخضوع إلى الحكم الأجنبي.
ولذلك لم يكن ملوك إسرائيل أو يهوذا في الحقيقة سوى رؤساء قبائل أو أمراء مقاطعتين صغيرتين تابعتين لحكم الأجانب فحكمهم المصريون وأصبح ملوك المملكتين الصغيرتين (مملكة إسرائيل) و (مملكة يهوذا) يعينون تعييناً حتى أنهم كانوا يتركون أسمائهم ويتناولون أسماءاً جديدة يغدقها عليهم فراعنة مصر. ثم ملوك الكلدانيين فيما بعد وبعد انقراض دولتهم بسقوط (القدس) أصبحوا تحت حكم الدول الأجنبية تماماً. ولم يجد المفكرون من ذلك غضاضة كما نقرأ في الكتب العبرانية.
ومما يجدر ذكره هو أن العبرانيين لم يكونوا في يوم من الأيام راضين عن ملوكهم وإذا قرأنا التوراة نرى أن الملوك كانوا عرضة لنقمة رؤساء الشعب والكتاب البارزين وأن الأنبياء كانوا يتنبئون دائماً بحلول غضب الله على هؤلاء الملوك، ولم يظهروا كراهية للملوك الفاتحين وهذا ما يفند رأي الصهيونية في الدولة اليهودية القديمة.
ويلاحظ أيضاً أن العبرانيين القدامى قد استعانوا بالعرب وبغيرهم في الدفاع عن أرض فلسطين فلما حاصر الملك (سنحريب) مدينة القدس في أيام (حزقيا) لم يتمكن اليهود من حماية أنفسهم تجاه الآشوريين فاستعانوا بالعرب وطلبوا منهم المساعدة لخلاص القدس وقد سجل سنحريب في أخبار حملته لسنة ٧٠١ قبل الميلاد. وكان اسم الأمير العربي الذي لبى نداء الوطن فدافع عن اليهود وقاوم الآشوريين مقاومة عنيفة أزعجت الملك (سنحريب) هو الملك العربي (مصتري) وملك آخر عربي كذلك هو ملك مقاطعة (ملوخا) وبفضل هذه المساعدة الثمينة تمكن العبرانيين من الوقوف أمام الآشوريين.
وقد دافع العرب مراراً كثيرة عن أرض فلسطين في أيام الآشوريين والبابليين واليونان والرومان وقد تكبدوا من جراء ذلك خسائر فادحة ومما يذكر هو أن اليهود كانوا بالنظر إلى عدم استطاعتهم الوقوف أمام الأجانب قد اضطروا إلى الاتفاق مع الإمارات العربية