انتظمت مكتبة الأطفال فهي (التكرار) يكثر في أولها ثم يقل شيئاً فشيئاً - كلما تقدم الطفل في القراءة حتى يصل إلى قراءة الأسلوب الموجز الذي لا تكرار فيه بلا مشقة ولا إعنات.
وقد تدرجت بالطفل في هذه المكتبة حتى يكون آخر جزء من كل مجموعة ممهداً لقراءة أول جزء من أجزاء المجموعة الأخرى. فإذا أتم هذه المكتبة أسلمته إلى مكتبة الشباب، وكانت له جسراً يسهل العبور إلى ما تحويه من كتب الأدب ودواوين العرب في سهولة ويسر.
وإنما عمدت في الأجزاء الأولى من مكتبة الأطفال إلى التكرار عمداً بعد أن أقنعتني التجارب العملية والاختبارات الشخصية أنه أصلح أسلوب يلائم الطفل الناشئ ويشجعه على القراءة. ولا غرو في ذلك فإن الطفل الناشئ لا يقرأ الكلمة إلا بجهد كبير. ولا يتم السطر إلا بشق النفس. فلنقتصد جهدنا في استعمال الألفاظ الجديدة. ولنؤلف من الألفاظ القليلة التي يقرؤها الكبير في بضعة أسطر - عدة صفحات كاملة لندخل في روعه أن القراءة ليست صعبة كما يتوهم، وليست شاقة مضنية، كما ألفها في الكتب الأخرى، بل هي سهلة ميسورة، وهي - إلى سهولتها ويسرها - ممتعة شائقة، تملأ نفسه بهجة وانشراحاً، وثمة يشعر الطفل بثقة في نفسه إذ يرى أنه يقرأ صفحة كاملة بجهد يسير، فهو لن يتم قراءة السطر الأول حتى يسهل عليه قراءة السطر الثاني والثالث والرابع وهكذا، لأن الألفاظ لا تكاد تتغير في الجمل إلا بمقدار يسير.
وقد جعلت نصب عيني قصة الرجل الذي كان يحمل الثور صاعداً به درج سلم وهابطاً به دركه، دون أن يبدو عليه شيء من آثار التعب والجهد. فلما سئل في هذا قال: لقد تعودت حمل الثور منذ ولادته كل صباح وما زلت أكبر ويكبر الثور معي ويزداد نمواً كل يوم زيادة قليلة مضطردة، حتى اكتمل نماؤنا. ولم أسعر أن وزن الثور قد زاد يوماً عما كان في سابقه ولم أحس له ثقلاً إلى اليوم.
كانت هذه القصة نواة صالحة لمكتبة الأطفال. فبدأتها بتسلية الطفل متدرجاً به تدرجاً بطيئاً لا يكاد يشعر به ولا يحس له أثراً، مستعيناً على هذا الغرض بالصور الملونة الجذابة والشكل الكامل والألفاظ السهلة. حتى إذا اطمأن الطفل إلى الأسلوب السهل، وامتلأت نفسه ثقة بقدرته على القراءة، انتقلت به إلى المرحلة التالية، فمزجت له التسلية بالفائدة ثم لا