النحاسية الدقيقة، وأجراس الكنائس، والنجارة، وصنع السلاسل، والحفر أحياناً، واشتهروا بالاتجار في الخيل؛ بيد أنهم اشتهروا بالأخص بالبراعة في الموسيقى، وهي موسيقى خاصة بهم، وذهب بعض النقدة الموسيقيين في تقدير الموسيقى النورية إلى حد بعيد، حتى قال الموسيقي المجري الكبير (لسزت) إن الموسيقى المجرية ترجع إلى أصل نوري. كذلك برع النور في الغناء والرقص، واشتهر نساؤهم بالتنجيم وقراءة الكف والورق، ولنساء النور جمال شرقي خلاب، ولكن تغلب عليهم الرثاثة، ولهن ولع بالثياب والحلي، ويغلب عليهن الانحلال الخلقي.
وليس النور دين خاص بهم، ولكنهم يعتنقون في الغالب دين البلد الذي يحلون به، وتغلب عليهم التقاليد الوثنية والخرافات، كذلك ليس للنور لغة خاصة معروفة، ولكنهم يتكلمون لهجات عديدة، وقد دل البحث على أن هذه اللهجات ترجع إلى بعض اللهجات الهندية، حتى اعتقد البعض أنهم نزحوا أصلا من الهند.
هذا وقد قرأنا عن النور وخواصهم وأخلاقهم وفنونهم بحثاً ممتعاً للكاتب المجري الكبير يوليوس كودلاني، رأينا أن ننقله لقراء (الرسالة) فيما يلي، وحديث الكاتب يتعلق على الأخص بالنور المجريين، وهم كما رأينا أكبر كتلة من النور في العالم. قال الكاتب:
لبث النور المجريون حتى أحدث العصور يقاومون كل محاولة لتمدينهم، وقد كانوا كأبناء جنسهم في البلاد الأخرى يعيشون في جماعات بدوية متنقلة لا ترتبط برباط المواصلة، ولم ينتهوا إلا في أيامنا إلى البدء بالاستقرار ومزاولة الأعمال المنظمة. ويوجد في المجر نوعان من النور:(نور الكولومبار)، (ونور الفلاج) وكلاهما يرجع إلى أصل آرى كباقي النور ولكن توجد بينهما فروق ظاهرة في طرق الحياة وفي اللغة والأخلاق، وكذلك في القوام والمحيا، وبينما يميل الكولومبار إلى الرباعة والغلظة، إذا بالفلاج غالباً ممشوق القد، وسيم المحيا. ولنور الكولومبار لدى الفلاحين سمعة سيئة، ويشعر الفلاحون نحوهم ببغض مقرون بالخوف، فإذا ما نزلوا بجوار قرية ما بذل الفلاحون كل ما استطاعوا للتخلص منهم، واتخذوا كل تحوط للمحافظة على دجاجهم ومواشيهم وثيابهم.
ويشتغل نور الكولومبار بصنع الآنية وأقمشة الخيام وبعض أعمال الحدادة. ويزاول نساؤهم السحر ولهن فيه براعة، ويتبعن في مزاولته كثيراً من الرسوم الوثنية التي اختفت من بين