للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه أرقام تتحدث بنفسها عن سياسة فرنسا إزاء رعاياها المسلمين بالجزائر ولو شئنا أن نقيس حالتهم في درجات التعليم العالي والثانوي لرأينا العجب العجاب، فإن النسبة فيها لا تتعدى فيها العشرة في المائة بأي حال من الأحوال، ولم نكن نصدق شيئاً من ذلك حتى عاينا هذا بأنفسنا في بعض المعاهد الفرنسية التي تفرض لأبناء المسلمين نسبة معينة لا تتعداها مهما كانت ظروف أهليهم

وذلك لكي يقترن الإسلام بالجهل وتلصق المسلمون ظلماً وصمات التعصب والتأخر وعدم الرقي والخروج عن ركب الحضارة في القرن العشرين.

هذه سياسة أمة تقول أنها أعلنت حقوق الإنسان وبشرت العالم بدين جديد بمبادئه وبالحرية والعدالة والمساواة، وأنها هدمت بثورتها صروحاً للاستبداد ويزيد الفرنسيون على ذلك قولهم أنهم حملوا أعلام الحرية والرقي والسعادة إلى بلاد الجزائر، ولقد رأيت فيما تقدم البراهين القوية على سيطرتهم وجبروتهم وإفلاسهم في حكم الجزائر.

ليس لدينا للآن دليل قاطع على توجه العالم نحو المثل العليا بل إن موقف مجلس الأمن إزاء قضايا مصر وفلسطين وأندونيسيا ليس مشجعاً ولعل انقسام الكرة الأرضية إلى معسكرين من أسباب هذه الرجعية القائمة في أنحاء الدنيا.

ولكن الشعوب مهما كانت الظروف القائمة عليها أن تشق طريقها إلى حياة النور وأن تعمل لتتغلب على المصاعب القائمة حتى تفرض شخصيتها وآمالها وأهدافها على العصر الذي تعيش فيه.

سيكون الطريق وعراً أمامنا والعقبات صعبة في صعودنا نحو الحرية والعدالة ولكننا لن نرجع عن طلب معاملة الند للند وأن يعتبرنا العالم مجموعاً حياً راقياً؛ نملك من حق الرعاية والمعاملة ما يملكه أي مجموع أوربي راق يسير نحو التطور إننا نفضل أن نفنى جميعاً من أن يحاول العالم إرضاءنا بالعرض دون الجوهر أو يلهينا بالأقوال دون الحقائق. إننا نأخذ عقلية أوروبا لنتغلب على جبروت أوروبا.

أحمد رمزي

<<  <  ج:
ص:  >  >>