للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتياج دائم ويموت من هؤلاء الآلاف كل سنة بسبب الإملاق والمرض وسوء التغذية.

وقد مات في سنة واحدة حسب التقارير الفرنسية ما يقرب من نصف مليون جزائري إبان المجاعات التي انتابت بلاد الجزائر في إحدى سنوات القرن الماضي ولم تحرك هذه النكبة أحداً من الأجانب الذين لم يشعروا بها وكانوا في رغد من العيش الدائم.

إن قيام سلطة حكومية فرنسية بالجزائر أمضت أكثر من مائة عام، لا يهمها شئ من أمور المواطنين أمر لا يقبله نظام العالم الجديد ولا يمكن أن يسلّم به دعاة الحرية ومن يتبجحون بمبادئ رفع الظلم عن الشعوب المغلوبة على أمرها. فهذه حكومة تفرض الامتيازات وحقوق الإنسان لفريق من السكان تمنحه كل الخيرات والباقي منهم أي تسعة أعشار السكان وهم أهل البلاد مجردون من كل حق لهم بل تطاردهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وتسير بهم نحو التشريد والإفناء.

وفي سبيل إبقاء هذه الحالة تحرم الحكومة الجزائرية الفرنسية؛ أهل الجزائر من حق التعليم وما يتبعه من حق النفوذ الاجتماعي.

فهي منذ سنة ١٨٣٠ أبطلت كافة المؤسسات الثقافية والتعليمية التي كانت قائمة بمدينة الجزائر وفرضت سياسة الجهل المطبق ومحاربة اللغة العربية، لغة البلاد الرسمية واعتبرتها لغة أجنبية، بل ذهبت لأكثر من ذلك إذ حرمت تعليم القرآن الكريم في الكتاتيب إلا إذا علمت معه الفرنسية فكم عدد هذه التي بوسعها أن تعلم لغة أجنبية فيها؟ كان هذا القانون بمثابة حرمان الأهالي من تعلم القرآن الكريم ولا يوجد ما يشبه هذا القانون سوى الإجراءات التعسفية التي فرضتها حكومة فرديناندو ايزابلا على أهالي غرناطة المسلمين عندما أوقعهم سوء الحظ تحت بطش قوم نزعت كل عواطف الإنسانية من قلوبهم.

ولعل أعظم ما تمتاز به الإدارة الفرنسية بالجزائر هو محاولة نشر الجهل وتعميم الأمية بين طبقات الشعب الجزائري حتى لا تقوم له قائمة أو يشعر بشخصيته ووجوده.

فقد صرح عميد الجامعة الجزائرية أمام لجنة الإصلاحات الإسلامية في يناير سنة ١٩٤٢ بمدينة الجزائر (أن بين ٠٠٠ر٢٥٠ر١ طفل وطني في سن الدراسة ٠٠٠ر١٠٠ فقط خصصت لهم ٦٩٩ مدرسة، وأن عدد الأوربيين حسب الإحصاء ٩٠٠٠٠٠ وعدد أبنائهم الذين يتمتعون بالتثقيف والتعليم الابتدائي ٠٠٠ر٢٠٠ طفل خصصت لهم ١٤٠٠ مدرسة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>