للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأفدنة المصرية، منها مليون فدان من أجود الأراضي الخصبة وشردت أصحابها وجعلت هذه الأراضي لإسكان المهاجرين الفرنسيين خصوصاً أهالي الألزاس واللورين، وهم الذين طلب باسمهم الكردينال لا فيجري تسليمهم هذه الأراضي وإخراج الأهالي الوطنيين منها بدون أن يعوض أصحابها بشيء.

وقد سارت حكومة الاستعمار على طريقة فرض الغرامات الباهظة وتحصيلها بالشدة المتناهية فأخذت ملايين الفرنكات من أهالي المقاطعات التي قامت بثورة القبائل وعرف الوطنيون الذلة والمسكنة وبيع الأراضي والدور في سبيل عتق رقابهم.

ولا يزال بعض الإخوان المغاربة الذين لقوا الويل على أيدي فرنسا يحدثون أهل الشام بهذه الكوارث ويقولون لهم أنتم بخير مادمتم بعيدين عن حكم فرنسا المباشر وهو الذي يمثله قاضي الصلح الفرنسي وحارس الأحراش فالثاني يكتب المخالفات والأول يصدق غيابياً عليها فما يشعر صاحب الملك الوطني إلا والتنبيه بنزع الملكية يلاحقه فلا يقدر أن يفلت من يدي القضاء إلا وهو مجرد من كل ما يملك.

وبهذه الأساليب والقواعد التعسفية خرجت أحسن وأخصب الأراضي الزراعية وأجودها من أيدي الوطنيين وأصبحت تحت يد المستعمرين الفرنسيين ونزلت نسبة أملاك الجزائريين إلى ٣٦ % من الأراضي الزراعية التي كان يملكها الجزائريون إرثاً عن آبائهم وأجدادهم.

وأدخل الفرنسيون فلاحة الكروم التي شغلت أكثر من ستة ملايين فداناً وهي كروم مخصصة لأنواع الأنبذة فهبطت مساحات الأراضي المخصصة للحنطة والمحاصيل الحيوية لمعيشة السكان الوطنيين وتعرضت مناطق الجزائر لأخطر المجاعات التي انتابت أفريقيا في العصور الحديثة نتيجة لتلك السياسة الاستعمارية التي انتزعت من الأهالي أخصب أراضيهم وجعلت منهم عمالاً أجراء يعملون لدى الكولون الفرنسي لقاء دراهم معدودة في أراضي كانوا يملكونها في الأمس القريب.

فالبلاد الجزائرية التي كانت قبل ١٨٣٠ تكفي سكانها من محاصيلها الزراعية وتصدر من خيراتها الشيء الكثير، قد أصبحت في موقف اقتصادي يجعلها عالة على غيرها في إطعام سكانها وإعاشتهم، لأن الاقتصاد الزراعي والإنتاجي الذي فرضته فرنسا عليها لا يتفق مع حياة السكان الوطنيين ومصالحهم وموارد رزقهم وتنظيم أمور معاشهم فهم في فقر مدقع

<<  <  ج:
ص:  >  >>