ليضن بي الحساد غيظاً فإنني ... لآنافهم رغم وفي أكبادهم وقد
أنا القائل المحمود من غير سبة ... ومن شيمة الفضل العداوة والضد
فقد يحسد المرء ابنه وهو نفسه ... ورب سوار ضاق عن حمله العضد
فلا زلت محسوداً على المجد والعلا ... فليس بمحسود فتى وله ند
ونفسه تواقة إلى خل وفي يشكو له فيسمع، ويحسن إليه فينمو إحساسه ويترعرع.
فمن لي وروعات المنى طيف حالم ... بذي خلة تزكو لديه الصنائع
أشاطره ودي وأفضي لسمعه ... بسري وأمليه المنى وهو رابع
وما أشد حاجة الإنسان إلى خلٍّ رضي، يعاشره على سجية:
متى يجد الإنسان خلاً موافقاً ... يخفف عنه كلفة المتحفظ
فإني رأيت الناس بين مخادع ... لإخوانه أو حاسد متغيظ
الدهر
قلنا إن والد أبي فراس خلفه في الثالثة، فشب يتيماً يرى كلاً يفخر بأبيه وينال حنانه إلا نفسه. أين أبي؟ ولماذا قتل وحده في الحرب دون آباء هؤلاء اللدات، ولم أعجلته المنية قبل أن أملي به عيني، وألمس عطفه علي؟ يا لك من دهر!!
وقلنا إن نفس أبي فراس كانت طموحاً عالية، وإنه شمخ على أسرته وسائر الناس، فكرهوا منه ذلك، ولاسيما أنه ليس لديه من الأموال ما لدى غيره من الأمراء، فانصرف عنه الناس إلى أقرانهمن أسرته فأحس أن أخلاق الصحابة نفعية، لا تصمد عند الشدائد، وقوي هذا الإحساس حينما أسر فتفرق من حواليه مدعو صداقته، وأمعن الحساد في شماتتهم به.
ومادام الدهر خلواً من الإخلاء والأوفياء، مليئاً بكيد الحساد والشامتين، فهو دهر ثقيل، يلعنه صاحبه في كل مقال
ونقول هنا كذلك: إن أبا فراس نشأ فوجد ابن عمه سيف الدولة أمير حلب وهو فيها صاحب العز والغلب، مهيب جانبه من الروم والعباسيين وسائر دويلات العرب. . . وأبناء العروبة في مرتبة واحدة يرى كل منهم نفسه نداً للآخرين، له محامدهم، وفيه أمجادهم.
ونظر أبو فراس إلى ابن عمه، فرأى نفسه وإياه في مرتبة واحدة، وقارن بين حاله وحال سيف الدولة فلمس فروقاً شاسعة: أمير مملك يحتفي به ويخشى منه، وأمير يتيم فقير، لا