للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس) فقد أصيب المسلمون في نكبتهم بالاستعمار الفرنسي بهذه النوائب: قلة الغذاء، وكثرة المرض، وسكنى المنازل التي لا تليق بالإنسان. ثم دهمتهم في السنوات الأخيرة نكبات القحط المتتالية، وتفشت فيهم الأمراض القاتلة.

فهناك تفعل قلة الغذاء أو عدم تنظيمه ما تفعله في كافة بلدان الدنيا التي أصيبت بحكم الأوربيين حتى أصبح الكلام هنا إعادة لما سبق ذكره وتأثير هذا كبير في تكاثر السكان وتناسلهم، وفي إخراج جيل من الأجناس البشرية ضعيف لا يقوى على البقاء أو الصمود أمام تفوق الأجناس الأوروبية من الناحيتين: العقلية والبدنية.

ويسكن لدينا عدد من السكان في أكواخ من صفائح الغاز الفارغة ولكن في الجزائر يعيش أكثر من نصف مليون مسلم في أحياء برمتها أو مدن قامت على هذا النوع من المساكن ولهذا لا تعجب أن نسمع أن أكثر من ٤٠٠٠٠ جزائري مصابون بالسل وهو يعادل عدد المصابين به في فرنسا وسكانها يقرب من أربعين مليونا، ولما كانت الوقاية الصحية غير متوفرة لدى الأهالي وليس لديهم أية خدمات لحمايتهم فقد انتشرت الأمراض الزهرية انتشاراً اجتاح قرى برمتها.

إن أعظم صورة تقدمها فرنسا بعد حكم دام أكثر من قرن من الزمن، هو مواكب النساء والرجال والأطفال الذي لا يجدون من الكساء إلا ما يسترهم يسيرون نحو بقايا الأطعمة ومزابلها يلتقطونها لسد رمقهم؛ بعد أن حرمتهم حكومة الاستعمار من زعمائهم وقادتهم ومدارسهم وأوقافهم، وفرضت عليهم الذلة والمسكنة وحرمتهم من كل مميزات الشخصية: الدين واللغة والتوجيه؛ لقد بقى لهم شئ واحد هو: الإسلام والإيمان بالله.

(قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).

ولقد يضحك الاستعمار من هذا الخضوع والاستسلام، ويرى فيه أن الأمة التي كانت ترج البحر الأبيض المتوسط قبل احتلال فرنسا قد رقدت رقدتها النهائية وأصبحت في ذمة التاريخ بعد أن أدت رسالتها، ولكنه مخطئ لأن الأمة الجزائرية ستحطم هذه الأغلال، وستخرج من هذه الظلمات بقوة تبهر فرنسا والكولون الفرنسي، لأن النيران المتأججة لا يزال بريقها وإشعاعها تخفيه تحت الرماد أمة إذا تحركت وثارت ستهز هذا الركن هزة

<<  <  ج:
ص:  >  >>