زيارته لمدينة الجزائر في رحلته عام ١٢٩٥ هجرية وقد مضى على ذلك سبعون عاماً تقريبا إذ قال:
(إن الدول الفرنسية هي القائمة بمصاريف إقامة الجوامع وما فيها من قراءة الأحزاب أو كتب الحديث لأنها استولت على جميع الأوقاف واقتصرت في كل بلد على عدد مخصوص من المساجد تقوم به وغيره تصرفت فيه بما ناسبها وحرمت المستحقين من مالهم كأوقاف الحرمين).
وذكر كيف أقدمت الهيئات التبشيرية عند وقوع المجاعة الكبرى في الجزائر، على تنصير عدد من أولاد الأعراب وغيرهم من المسلمين بنات وأطفالا، وأن بعضهم منهم لما كبروا وعلموا بأن أهلهم مسلمون فروا إلى أهلهم.
وأشار إلى بقية من علوم السلف كانت تدرس في قستنطينة وتلمسان والجهات الجنوبية ولكن القلق كان شاملا أفاضل العلماء فقد تقابل مع الشيخ علي الخفاف المفتي المالكي بقاعدة الجزائر وهو من تلامذة علامة القطر الإفريقي الشيخ إبراهيم الرياصي، وله فضائل كاملة وتقوى وسكينة واطلاع في الفقه والحديث، ولما أنس بمؤلف الكتاب فاتحه في أمر الهجرة إلى بلاد الإسلام فأخبره أن مثله نادر الوجود وأن قافاااااهبقاءه فيه لتعليم الناس دينهم، أنفع له وأثوب عند الله من خروجه بنفسه، وترك تلك الأمة المسلمة خالية من مثله، بل ربما كانت هجرته سببا في خروج غيره؛ فتحرم عامة المسلمين ممن يلقنهم تعاليم الإسلام وعقائد الفقه، وقد ورد في كتب الشريعة، أنه إذا تعذر على ولي الأمر فداء الأسرى من يدي العدو فليؤخر بينهم العلم).
فهذه حالة الجزائر من ناحية من أهم النواحي التي فهمنا، ناحية العقيدة الإسلامية وفيها عبرة وتذكرة لمن يريد أن يفهم حقائق الإسلام في قطر من أعز الأقطار الإسلامية، وأقربها إلينا وأبعدها أثرا في تاريخ أفريقيا العربية التي لن تموت وفيها دعائم الإسلام قائمة.
وإننا لنعدها معجزة أن بقيت هذه الدعائم في أفئدة ملاين من الناس بعد سنوات الضغط السياسي والمحاربة التعسفيه التي أشرنا إليها، ولكن الذي تخشاه هو إثر سياسة الإفقار التي فرضتها فرنسا على رعاياها المسلمين فهذه أبعد غورا من أي أساليب الإرهاق التي رآها العالم وهي التي ورد وصفها في محكم الآيات الواردة بالقرآن بقوله تعالى: (ولنبلونكم