بريد (الرسالة) الأدبي، مخطئاً قول كاتبة فاضلة:(مد الليل أروقته السوداء. . .) وقد حملني على أن أبتغيها: (أروقته السود. .)(حوالا عن (السوداء)) ما أجده في كتاب الله إذ يصف ما هو من مثل ذلك على نحو منه فيقول: (جدد بيض. . .) ويقول: (غرابيب سود. .) وما أجده كثيراً في شعر الجاهلين والمخضرمين، مما لا سبيل إلى الوصول إليه، وأنا (في هذا المنعزل) بعيد عن كتبي. . . . على أنني استظهر من ذلك أمثلة تتقدم فيها (الصفة) أو يستعاض بها عن الموصوف. ومنها قول الطرماح:
وانساب حيات الكئيب وأقبلت ... وُرق الفراش لما يشبّ الموقد
وكنت أصادف كثيراً، من مثل ما أشار إليه أستاذنا الجليل - وهو أن تجئ (فعلاء) المفرد وصفاً للجمع فاخله انحرافاً عن الجادة، ومسايرة للعامية! ولكنني - وقد سمعت ما أورد - أشكر له حسن توجيهه، وكريم تعهده، وسهره على سلامة هذا اللسان الخالد. ليبقى مبرءاً من كل شائبة، منزهاً عن كل خطل. . .
وله مني تحيات أرق من نسائم (صنين) مفعمة بأريج الصنوبن لأرز. . .
محمد سليم الرشدان
إلى الأستاذ (الجاحظ):
في (تعقيبات) الرسالة الغراء عدد ٧٣٩ نسب الأستاذ (الجاحظ) إلى الأستاذ العقاد أنه قال له في صدد الكلام على أدب الشيوخ وأدب الشبان (لقد كنا شباناً، فما وجدنا من أخذ بأدبنا، أو (أفسح) لنا الطريق. . .).
وأنا قد لا أخطئ الصواب إذا قلت أن نسبة هذا القول إنما كانت في المعنى المفهوم وليست في اللفظ المرقوم. . . إذ لا يخفى على الأستاذ العقاد خطأ استعمال (أفسح) من الفعل الرباعي دون الثلاثي وهو الأصل؛ فإنه يقال (فسح له في المجلس. . .) ولا يقال أفسح له فيه. . .