للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعلى كل عشرة نقباء قائد، وعلى كل عشرة قواد أمير.

وكانوا يقاتلون عراة في أوساطهم الميازر، وقد اتخذوا لرؤوسهم دواخل من الخوص سموها الخوذ، ودرقاً من الخوص والبواري قد قرنت وحشيت بالرمل والحصى، وساروا للحرب يضربون المأمونية بالمقلاع والحصى، وفي هؤلاء يقول الشاعر:

خرّجت هذه الحروب رجالا ... لا لقحطان ولا لنزار

معشر في جواشن الحصر يعدو ... ن إلى الحرب كالليوث الضواري

ليس يدرون ما الفرار إذا الأبطا ... ل عاروا في القنا للفرار

واحد منهم يشد على ألف ... ين عريان ما له من ازار

ويقول الفتى إذا طعن الطع ... نة: خذها من الفتى العيار

ومن ظريف بلائهم في هذه الفتنة ما ذكره ابن الأثير قال: إن قائداً من أصحاب طاهر من أهل النجدة والبأس خرج يوماً إلى القتال، فنظر إلى قوم عراة فقال لأصحابه: ما يقاتلنا إلا من نرى؟ استخفافاً بأمرهم واحتقاراً لهم، فقيل له: نعم، هؤلاء هم الآفة، فقال لهم: أف لكم حين تنهزمون من هؤلاء وأنتم في السلاح والعدة والقوة وفيكم الشجاعة، وما عسى يبلغ كيد هؤلاء ولا سلاح معهم ولا جنة تقيهم. . . وتقدم إلى بعضهم وكانت في يده بارية مقيرة وتحت إبطه مخلاة فيها حجارة فكان الخراساني كلما رمى بسهم استتر منه العيار فيقع السهم في باريته أو قريباً منها فيأخذه العيار ويصيح دانق - أي ثمن السهم دانق قد أحرزه - فلم يزل كذلك حتى فنى سهام الخراساني. . . ثم حمل عليه العيار ورماه بحجر من مخلاته في مقلاع فما أخطأ عينه، ثم خر وكاد يصرعه، فانهزم وهو يقول: ما هؤلاء بناس.

وحدث مثل هذا من العيارين والشطار في حرب المستعين والمعتز سنة ٢٥١هـ إذ حوصر المستعين بالله ببغداد مثل حصار الأمين فاستعان بالعيارين وفرض لهم الأموال وجعل عليهم رئيساً اسمه بينونه.

ومن العيارين رجال خلدهم التاريخ وكتب حولهم القصص الشعبية مثل الزيبق وقصته مشهورة معروفة تقرأها العامة كما تقرأ قصة أبي زيد الهلالي وقصة عنترة وغيرهما من القصص الشعبية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>