ولم يحتج الدولار لأكثر من إشارة متواضعة في اليونان لأن يسقط الوزارة الملكية بعد أن ثبت لرؤساء بعثة ترومان التي تشرف على اتفاق مساعدة أمريكا لليونان بأن الحالة السياسة والاقتصادية هناك تتطلب حكومة اميل إلى الوسط منها إلى اليمين المتطرف.
وليست قيمة الدولار مردها إلى قيمة الذهب الأصفر الذي في استطاعته ابتياعها، فليس هناك من يبادل الدولار بالذهب سوق تجار المجوهرات وأطباء الأسنان الذين يستبدلون الأسنان العفنة بأخرى ذهبية ولكن قيمة الدولار تعود إلى كمية البضائع والسلع التي يستطيع ابتياعها في أسرع وقت ممكن - والعالم بأسره في حاجة إلى السلع والبضائع. فالدولار إذن سيد الموقف في العالم.
وللدولار قوة سحرية في توفير الفحم والوقود السائل والآلات ووسائل النقل ولقد جمعت الولايات المتحدة الأمريكية في يدها الدولار وقوة الدولار السحرية وما يعادله من سلع ومنتجات ذلك لأن الحرب المنصرمة تركت أمريكا في حالة عكس ما تركت به أوروبا - بلد يضيق به إنتاجه الصناعي بسبب التضخم في الإنتاج الذي جاء وليد توسع المجهود الحربي وما استلزمه من صناعة موسعة على نطاق لم يعهده التاريخ.
ولكن المصيبة أن موارد العالم - خارج أمريكا - من الدولارات شحيحة خفيفة. ومع أن أمريكا منحت العالم الخارجي ٢٠ بليوناً من الدولارات في شكل هبات ومساعدات وقروض إلا أن ما بقى لدى العالم الخارجي من هذا المبلغ الضخم لا يتعدى خمسة - أربعة بلايين دولار لا غير! ولا يزال استنفاد الدولارات جاريا بسرعة فائقة.
وتبتاع أمريكا من العالم الخارجي كل شهر ما مقداره ٨٠ مليون دولار ولكنها تبيعه ما تبلغ قيمته بليون و ٨٠٠ مليون دولار!
وإزاء هذا الموقف الخطير وجدت أمريكا نفسها أمام أمرين
(١) إما أن تستمر في هذه الحالة فتزداد غنى على حساب أوروبا المحطمة وهذا بالطبع يضعها في موقف الرأسمالي الجشع ويدفع أوروبا والعالم من دوراها إلى أحضان الاقتصاد المنظم والمساواة الاقتصادية - الشيوعية.
(٢) وإما أن تستنبط الولايات المتحدة طريقة عملية لإعادة قوة أوروبا الاقتصادية والتجارية لتستطيع أن تزيد من تصديرها إلى الولايات المتحدة فتحصل على دولارات