للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قد قرأتها ومن معي من وفود المؤتمر يتعجبون من مصري يقرأ خطاً أثرياً في دلهي، حتى عرفتهم أنه كتابي ولغتي.

وبعد ساحة التتمش ساحة زادها السلطان علاء الدين الخلجي. وليس بها إلا حطام البناء الشامخ أنحت عليه يد الزمان.

ثم منارة قطب إحدى عجائب الأبنية في الهند بل العالم كله منارة جليلة رفيعة تعلو في الجو ٢٣٤ قدماً بعد أن سقطت ذروتها. وهي خمس طبقات تنتهي كل واحدة بشرفة دائرة حول المنارة. ولها درج واسع صعدت فيه إلى الشرفة الأولى مائة وخمسين درجة.

والمنارة في شكل مخروطي. والطبقة الأولى لها واحد وعشرون ضلعاً تختلف أشكالها بين مدور على هيئة نصف دائرة يليه محدد على شكل زاوية قائمة. وهكذا على التوالي. والطبقة الثانية كل أضلاعها مدورة. والثالثة أضلاعها على زاوية قائمة ثم طبقة ملساء والخامسة مضلعة تضليعاً خفيفاً يكاد لا يرى

شاد المنارة قطب الدين أيبك حوالي سنة ٦٠٠ من الهجرة وكان لا يزال نائباً عن السلطان محمد الغوري وأتمها مملوكه وصهره وخليفته إلتتمش الذي ذكرناه آنفاً. وقد تصدعت طبقتها العليا بصاعقة في القرن الثامن في عهد فيروز شاه فرّمها ثم سقطت هذه الطبقة في زلزال سنة ١٨٠٣م. وقد رأينا على مقربة من الجامع برجاً صغيراً مستطيلا له أربعة أركان بينها أبواب علوه نحو خمسة أمتار. وقيل لي أنها صنعت في عهد الإنكليز لتوضع على المنارة تكملة لها. فلما وضعت ألقيت غير ملائمة لها فأنزلت.

وحول المنارة كتابة عربية منها آيات من القرآن وقد جعلت نطاقات جميلة زادت في جمال المنارة وجلالها. وقيل لي إن الكتابة قد نحتت على أحجام مختلفة ونِسَب متعددة تجعل الرائي يراها في حجم واحد ما بعد منها وما قُرب. كلما بعدت الكتابة زاد حجمها على نسبة بعدِها.

وألوان المنارة تتوالى في طبقاتها من أحمر إلى ورد إلى أصفر قاتم يلائم زرقة السماء في فن الجمال.

والخلاصة أن في هذه المنارة من إبداع الهندسة، وإتقان الصنع، وجمال الشكل وفخامته، وحسن النقش والخط ما يسير رائيها طائفاً، أو يمكسه واقفاً، يصعد الطرف ويصوبه في

<<  <  ج:
ص:  >  >>