للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ترد النفوس السالمات سقيمة ... وتفعل ما لا تفعل البيض والسمر

خفضت لها مني جناحي مودة ... ودنت لعينيها كما حكم الدهر

وكما اعتذر أبو فراس عن إخفاقه بأن الدهر حاربه وغالبه فقال:

تطالبني بيض الصوارم والقنا ... بما وعدت جدي في المخايل

ولكن دهراً دافعتني صروفه ... كما دافع الدين الغريم المماطل

بعتذر البارودي كذلك بجبروت الزمان، ودوائر الحدثان:

فإن كنت قد أصبحت فل رزية ... تقاسمها في الأهل باد وحاضر

فكم بطل فل الزمان شباته ... وكم سيد دارت عليه الدوائر

وبعد فهذا الذي ذكرناه من دهريات البارودي قليل من كثير اتخذناه شاهداً على اتحاد الفكرة عند البارودي وأبي فراس اتحاداً عجيباً. وكأنما بعث الله في البارودي روح أبي فراس،. . فرجَّعت ما قاله شاعر حمدان فيما قاله شارع المقياس، أو كأنما عاد التاريخ فصار الزمان أبي فراس هو نفسه زمان البارودي وصار كذلك ناسه هم الناس.

محمد محمد الحوفي

معهد التربية العالي للمعلمين

<<  <  ج:
ص:  >  >>