وأقول الوطنية لأننا بازاء عمل وطني يجب علينا الجهاد له كما نجاهد في ناحية السياسة.
فهيا قبل فوات الأوان، وقبل أن يفرق الإنجليز بثقافتهم أبناء السودان. .
الاستشراق البريطاني:
قرأت في الأنباء الخارجية هذا الأسبوع نبأ وارداً من لندن يقول إن ثمة (تعديلات ستحدث في معاهد تدريس الآداب الشرقية بإنجلترا حيث تزداد الرغبة ويشتد الإقبال على هذا العلم الذي لم يكن فيما مضى سوى ميل خاص واتجاه شخص عند بعض الأفراد من العلماء المستشرقين فكانوا يتجهون إلى دراسة علوم الشرق وآدابه استجابة لميلهم الشخصي، أما اليوم فإن الحكومة البريطانية ترعى هذه الناحية وتشجعها وتبذل المال والمساعدات في تنظيمها وتوسيع نطاقها كما أن الجامعات والمجامع العلمية تقوم من جانبها بجهد وافر في هذا السبيل.).
(والفكرة في الاستشراق الآن عند الحكومة البريطانية هي الوقوف على روح الشرق وتفهم سياساته وعاداته واتجاهاته حتى يكون المستشرقون على صلة متينة مع الأقطار الشرقية التي يتخصصون في دراسة علومها وآدابها).
(ويتجه الرأي إلى ضم المجامع العلمية وتوحيد جهودها لخلق مركز عام ثابت في لندن للإشراف على دراسة الآداب والعلوم والفنون وسائر ألوان الثقافة في القارة الأسيوية، وقد وضعت فعلا التقادير بما سيكون عليه هذا النظام واعتمد لذلك المال المطلوب. .).
ويقول النبأ (إن هناك لجنة ستعمل على توسيع مدرسة الآثار في فلسطين وفي بغداد، وذلك لتهيئة المعلومات اللازمة لعلماء بريطانيا في العالم العربي، كما أن هناك اقتراحات لإنشاء مدرسة من هذا القبيل في القاهرة تكون على اتصال وثيق بالمجمع العلمي المصري، ومن المحتمل إنشاء مدرستين مماثلتين في إيران وتركيا. .).
تلك هي خلاصة ذلك النبأ الذي أذيع أخيراً من لندن فلم يلتفت أحد إليه، ولم يحرك جارحة عند أبناء الشرق مع أنه على جانب كبير من الخطورة، لأنه يتضمن السياسة الثقافية التي رسمها إنجلترا لنفسها نحو الشرق، ويعلم الله أن إنجلترا لا يعنيها في كثير ولا قليل الاهتمام بأرباب الشرق وعلومه إلا أن تجعل من ذلك وسيلة إلى غاية أخرى، وهي الغاية التي يشير إليها ذلك النبأ والمقصودة بتوجيه الاستشراق إلى (تفهم روح الشرق والوقوف