إنها لاشك خطة مدبرة لمعاونة السياسة البريطانية في اتجاهاتها وإنها لاشك خطة مدبرة للسيطرة على الشرق من الناحية الثقافية وإنها لاشك خطة يعرف كل منا ما وراءها، ولكن ماذا صنعت حكومات الشرق بازاء ذلك، وماذا صنعت جامعات الشرق وجماعاته لوضع سياسة ثقافية تقوم على التعاون والدراسة الشاملة النافعة حتى تقطع على الخطة الإنجليزية (الثعلبية) الطريق فيما تقصد إليه؟!.
لقد تيقظ كل شعب وكل فرد، فتيقظوا أيها القوم واتعظوا بما مضى من عبر، واخرجوا من دائرة (الروتين) الذي كاد يخنقكم.
الكاتب المنشئ والكاتب الحاسب:
. . وأعود إلى موضوع الكاتب المنشئ والكاتب الحاسب فأشكر لأستاذي الجليل السيد (السهمي) ما أفادنيه من زاخر علمه، وللصديق الكريم الأستاذ (علي) ما أمدني به من وافر محصوله، فوقفني السيد الجليل على ما تضمنه (الامتناع والمؤانسة) من حديث عن تينك الصناعتين، وأرشدني الصديق إلى ما ورد في (الفرج بعد الشدة) من قصة هي من هذا القبيل.
وقد كنت وقفت على هذا كله وعلى كثير من أشباهه وكنت أعرف أن (للتوحيدي) رسالة اسمها (رسالة العلوم) عرض فيها لهذه المسألة، وفي (مقابساته) شذرات من هذا القبيل، ولكني اكتفيت بالإشارة إلى هذا فيما كتبت به إلى الدكتور زكي مبارك إذ قلت:(إن الفكرة في الموازنة بين الكاتب المنشئ والكاتب الحاسب قديمة في الأدب العربي. وتسبق الحريري بأجيال وأزمان. والواقع أن الحريري وجد مادة متوفرة لتلك المناظرة التي عقدها حتى الأوصاف التي خلعها على الكاتب المنشئ والأخرى التي وصف بها الكاتب الحاسب قد أخذها كلها عن الكتاب السابقين، وليس له فيها من فضل إلا المقابلة والمزاوجة وإيثار السجع في التعبير. .) ولم أكن أقصد إلا تصويب ما قضى به الدكتور مبارك للحريري من السبق في ذلك، حتى زعم أن (فكرته في هذه الموازنة لم يسبقه إليها باحث من المسلمين)، ولم أقصد إلى إيراد كل ما وقفت عليه من النصوص في ذلك، لأن المقام لا يتسع له، ولأن الفكرة في تلك الموازنة قد أصبحت في هذا العصر (غير ذات موضوع) كما يقولون في