فلا عجب أن يخشى الإنجليز خطر البعثات المصرية إلى السودان وإن كانت ثقافية، بل إن الرابط الثقافي أفعل من الدعاية السياسية في هدم سياستهم الاستعمارية.
توصيات المؤتمر الثقافي:
اختتم المؤتمر الثقافي العربي بلبنان أعماله في اليوم العاشر من سبتمبر الحالي. وقد وزعت قرارات المؤتمر التي اتخذت بإجماع الآراء، ومن أهم ما جاء فيها خاصاً بالتربية الوطنية وجوب بث الروح الوطني في نفوس النشء، وأن يعد الوطن هو الوطن المحلي، ثم الوطن الكبير الذي يضم الدول العربية، وأن تكون الدراسات الاجتماعية أساساً لتدريس التربية الوطنية على أن يشمل هذا الأساس إبراز الاتصال الجغرافي التام بين البلاد العربية والتدليل على الدور الخطير الذي قامت به الدول العربية على ممر العصور في إنشاء الحضارات وتقدم الإنسانية، والتوسع في إبراز دور الإمبراطورية العربية، وأن العروبة لم تكن يوماً لدين ما، بل هي أمانة في عنق كل عربي، وأن التعصب لم يعرف في البلاد العربية إلا في العصور التي حكم فيها الأجانب.
ومن القرارات الخاصة بالجغرافيا، العناية بجغرافية الوطن المحلي، ثم جغرافية البلاد العربية واتخاذ قدر مشترك يختاره كل قطر عربي، وإقامة رحلات بين مختلف الطلبة العرب ليطلعوا عملياً على جغرافية البلاد العربية.
ومن القرارات الخاصة بالتاريخ العناية بالتاريخ الوطني المحلي وصلاته ببقية الأقطار العربية، ثم تتسع الدراسة على ضوء القدر المشترك من التاريخ العربي وإبراز أبطاله وأمجاده، والتبسط في الصلات التاريخية بين البلاد العربية وإظهار أثر الحضارة العربية في الحضارة العالمية، وتمجيد الأحداث العظيمة، وتخليد ذكرى عظماء الشرق العربي سواء بإقامة التماثيل لهم أو تسمية الشوارع بأسمائهم، وضرورة اتخاذ الطريقة العملية في دراسة التاريخ.
وقد قدمت هذه التوصيات بعد موافقة اللجان عليها من هيئة المؤتمر العامة للإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية، لتعرضها على مجلس الجامعة، فإذا أقرها أصبحت توصيات لكل بلد عربي أن يأخذ بها بالقدر الذي يرتضيه.