القرآنية، والأحاديث النبوية الصحيحة الرواية، والمسموع من كلام فصحاء العرب وبلغائهم هي أحسن شاهد) وقد عارضة حينذاك جماعة من الكتاب ممن لم يأخذ أخذه، ولم يجر في غباره فكان له الفلج عليهم. . .
ومضى الزمن على هذه المعركة إلى أن جاء الأستاذ الفاضل محمد سليم الرشدان فكتب في العدد (٧٣٥) من الرسالة الغراء ينبه على هذا الخطأ، في قول الكاتبة الفاضلة السيدة منيبة الكيلاني: الأروقة السوداء، فرد عليه أستاذ العربية في هذا الزمان الباحث العبقري (السهمي) في العدد (٧٣٧)، وقد بدا لي بعد أن قرأت كلمته أن أوجه إليه استفهاماً يجلو هذا الأمر، غير أني آثرت حتى يكتب الأستاذ الرشدان فأنظر ماذا يكون جوابه؟ وقد كتب فكان جوابه بالموافقة على ما أورد العالم الجليل إمام العربية الأكبر، فرأيت أن الأمر لا يزال في حاجة إلى إيضاح، ذلك أن الأستاذ السهمي أورد نقولا لا تنهض في وجه ما ذكره الأب أنستاس، فهو:
(أولا) يحتج بكلام أبي العلاء المعري، وكلام ابن جني، وقول صاحب الكشاف، وكل هذا ليس بحجة، لأن الذي يعوزنا هو شاهد عربي فصيح من كتاب أو سنة، أو أثر عربي خالص (ولا يهمنا بعد ذلك ضوابط النحاة، وقواعد الصرفيين وآراء اللغويين، وتحكمات المتأولين وأرباب الأحكام العربية، لأنهم لم يستقروا جميع قواعد اللغة المضرية، وبيدنا شواهد لا تحصى تدل على نقصان ضوابطهم وتتبعاتهم واستقراءاتهم) كما يقول الأب الكرملي، على أن أستاذنا السهمي لم يعتمد على شيء من ذلك وإنما نقل عن قوم لم يقل أحد بأن ما ينطقون به يجري في العربية مجرى القواعد، أو يكون حجة لمن يحيد عن نهج العرب الفصحاء.
(ثانياً) قول أبي العلاء (فألزمني بذلك حقوقاً جمة، وأيادي بيضاء) لا يبعد أن يكون فيه تحريف من الناسخ، وأن الأصل كان (أيادي بيضا)، ومثل ذلك يمكن أن يقال فيما نقل عن صاحب المخصص، على أن الوصف بمثل سوغ أن يجيء ما بعده مفرداً. وأما قول أبي العلاء في رسالة المنيح (وكم في أديم الخضراء، من أشباح مضيئة زهراء) فذلك ما لا خلاف فيه، وقد ذكر هذه المسألة الأب أنستاس، فقال في العدد (٤٨٥)(إذا أشير إلى الجمع المكسر بضمير مفرد مؤنث لكونه لغير العاقل أو جاور (فعلاء) وصف مفرد مؤنث يصح