فإذا صنعت ذلك كان علينا، أن نعلن الهدنة بيننا وبينها، ونكف عن هذه الأيام عن معارضتها، لنتعاون جميعاً على حرب عدونا وعدوها، وكان على كل شاب في بلاد العرب كلها، وكل شيخ، وكل امرأة، أن يعلم أنه جندي في هذه الجبهة وأنه يجب عليه أن يعمل فيها شيئاً: يمشي إلى القتال، إذا جدّ الجدّ، وجاءت ساعة القتال، وكان قوياً قادراً، أو يبذل الفضل الزائد من ماله إذا كان من أصحاب المال، أو يحارب بقلمه وبلسانه، إذا كان من أصحاب الألسنة والأقلام، وعلى كل واحد منا، وعلى كل واحدة، أن يحرم على نفسه كل شيء أجنبي، فلا يأكله إن كان مأكولا، ولا يشربه إن كان مشروباً، ولا يمسّه إن كان طيباً، ولا يلبسه إن كان ثوباً، ولا يقرؤه إن كان كلاماً، ما لم يكن علماً خالصاً، أو أدباً إنسانياً صرفاً، ولا يتداوى به إن كان عَقّاراً، ما لم يكن مضطراً إليه ولا يجد ما يسد مسدّه، ولا يرسل ابنه إلى مدرسة أجنبية، ولا يدعه يذهب في السياسة والاقتصاد مذهباً أجنبياً، وأن نمحو أسماءهم من شوارعنا ومياديننا، ونطمس ذكرهم من مدارسنا وبرامجنا، إلا ببيان حقائقهم، وهتك الستُر الخادعة عنهم، وأن نداوي نفوسنا من هذا السل القاتل الذي هو احتقار نفوسنا، وتعظيم الغربيين، وأخذ كل ما يأتي منهم أخذ الضعيف، وأن نوقن أننا أقوياء حقاً، أقوياء بماضينا وأمجادنا، وبما تركنا في الدنيا من أثر خيّر نبيل، وأقوياء بعَددنا وبعزائمنا، وبأن الحق معنا، وأن البلاد بلادنا، وأن فلسطين لنا، لن يغلبنا عليها، (شحاد) صهيوني، ولا محتال انكليزي، ولا لص أميركي، لا والله ولا الجن ولا العفاريت، إننا والله سنمضي إليها على كل سيارة وكل قطار وكل دابة، ونمشي على أقدامنا إن عز الظهر، ونملأ إليها كل طريق، ونسلك إليها كل سبيل، حتى نترعها رجالا، إن أعوزهم السلاح، فما يعوزهم النبل ولا الإقدام، رجالا لا يحبون الحياة الذليلة، ولا يهابون الموت الشريف، ولا يتزحزحون ولا يريمون، مادام في صدورهم قلوب تخفق، وفي صدورهم نَفَس يطلع وينزل.
فيا أيها الحاكمون، يا من صرخوا من قمم لبنان هذه الصرخة المدوية، اثبتوا وأعلنوا الحرب، إذا لم تعطوا الحق إلا بالحرب: حرب الكلام وحرب المال وحرب الدم والسنان، وسيّروا جيوشكم، فنحن وراءكم، ونحن أمامكم، ونحن معكم، ما نحن للجزيرة، ولا نحن لهذا الماضي، ولا نحن لمحمد، إن وقفنا أو ارتددنا، حتى نطهر فلسطين من كل رجس