وإذا طالعنا أساطير البابليين وتاريخهم القدير وجدنا تشابهاً كلياً بين تلك الأساطير وقصة التكوين في التوراة وقصة الطوفان وغيرهما، الأمر الذي يؤكد لنا أن حكماء اليهود اقتبسوا كثيراً من البابليين وزجوه فيما كان أسلافهم يتناقلونه من تاريخهم وأساطيرهم. حتى أن قصة الخليفة في سفر التكوين واردة مرتين متواليتين في الأصحاحين الأولين بأسلوبين مختلفين الأمر الذي يدل على أنهما أُخذا من مصدرين مختلفين.
هذا من حيث نزول الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى. وما نسبت إليه إلا لأنه كان زعيم القوم الأكبر الذي قادهم من أرض مصر في برية سينا نحو ٤٠ سنة إلى أرض كنعان حيث كان يمنيهم بأسلاب الكنعانيين وبطردهم من بلادهم وامتلاك أرضهم وماشيتهم وأثاثهم كما عَّلم الإسرائيليات قبل الخروج من مصر أن يستلفوا حِليَّ المصريات قبل الهرب. كذا كانت تعاليم موسى لشعبه - أنه يحل لهم مال كل أجنبي عنهم لأنهم شعب الله الخاص حسب تعليمه.
أما أن اليهود ورثة فلسطين فمسالة لا تحتاج إلى كثير تحقيق فإن مجموع ما أقامه اليهود في المنطقة التي كانت قديماً تسمى فلسطين (وهي القسم الغربي من جنوبي فلسطين الحديثة) لم يزد عن ثلاثة قرون. وفيما سوى ذلك كانوا مشردين في الشرق والغرب بسبب فتوحات الدول المحيطة بهم من كل ناحية. وقد هاجر بعضهم عن طريق آسيا الصغرى إلى أوروبا وبعضهم هاجروا عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى نواح مختلفة.
وتغلغلوا في أوروبا التي كانت في تلك الأزمان وثنية تعبد الأصنام المنحوتة. فلما اختلطوا بأولئك الأقوام وعرَّفوهم بديانتهم رأي عقلاء الوثنيين وحكماؤهم أن ديانة اليهود معقولة أكثر جداً من ديانتهم لأنهم فهموا أن إله اليهود شخصية حية غير منظورة وليس صنما منحوتاً من جمادهم ينحتونه. فتهوَّد كثير منهم في جميع أنحاء أوروبا وغربي آسيا. ولما جاءت النصرانية اكتسحت الوثنية ولم تكتسح اليهودية اكتساحاً مطلقاً لأنها مستندة إلى نبوآتها.
فجميع اليهود الذين في أوروبا وغربي آسيا هم من السلالات الآرية وليس فيهم قطرة من السلالات السامية. هم آريون أكثر من هتلر وكان بولس الرسول مؤسس النصرانية يهودياً إغريقياً من أثينا. يدل على آريتهم بياض بشرتهم الناصع وصفرة شعورهم وزرقة عيونهم