للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يتخلل بنيانها في كثير من الأحياء من الكهوف الغامضة والدروب الضيقة التي لا تخلو من أقذار متراكمة ومسارب عفنة لا يخفى ما لها من الآثار المضرة بالصحة العامة بين سكان العاصمة العراقية وخاصة في أيام الصيف حين يشتد القيظ وتتصاعد الروائح الكريهة من هذه الأزقة ودورات المياه التي لا تزال في حالة بدائية لا يمكن التخلص منها إلا بإنشاء مشروع المجاري على نحو ما هو متبع من ذلك في القاهرة وغيرها من المدن الكبرى في البلاد المتمدنة مع العناية باستخدام الأجهزة الحديثة الضرورية لصيانة المنازل والسكان من الأضرار المحققة من هذه الأوضاع الحالية لدورات المياه والمغاسل وهي من ألزم الأشياء للحياة.

ولا أستطيع أن أزعم أن الطبقات الفقيرة في مصر أحسن حالا منها في بغداد فهي متشابهة في رثاثة الثياب ووسخ الجلود وفيما يختلف على كل منهما من الجهل والفقر والمرض مما يحاربه الناس في القطرين بتنميق المقال اكثر مما يحاربونه بالفعال.

وفي الربيع الماضي زار الوفد السوداني مدينة بغداد وقد كانت هذه الزيارة فرصة جديدة أتاحت لنا أن نشعر من قريب بشدة حدب العراقيين على القضية المصرية وعطفهم على أماني إخوانهم المصريين ولقد لقي الوفد ورئيسه الوطني العظيم من الترحيب والحفاوة ما لا مزيد عليه من سمو الوصي المعظم ورجال الحكومة وطبقات الشعب على اختلافها وأقيمت لهم عدة مآدب وحفلات كان آخرها ما قام به الأساتذة المصريون الموظفون في الحكومة العراقية وقد ألقيت في هذه الحفلة القصيدة الآتية التي يكون من المناسب نشرها الآن في مصر على صفحات الرسالة الغراء وهذه هي القصيدة:

حيّ وفد السودان يا صاح بالشعر ... وجدد لهم حِسان الأماني

واسقنا شربة من النيل أحلى ... من رحيق معتق في الدنان

هي من كوثر يصفقها الساقي ... شفاء لمهجة الظمآن

فبأعلى الشطين ساجعة الأيك ... تناغي الأليف في أسوان

وهي نشوى تقول مفصحة الشدو ... هتوفاً بأعذب الألحان

نحن شعب فسائلوا النيل عنا ... كيف أفتوا بأننا شِعبان

واسألوا الدهر والقرون الخوالي ... فسيشهدون أننا أخوان

<<  <  ج:
ص:  >  >>