ومات سنة ١٣٠٨، وكان طويلاً خفيف اللحية، وقد وخطبها الشيب، وكان اشتغاله بالزراعة دون غيرها، ويتحرى الحلال في كسبه، ويقول الحق ولو على نفسه، وتعلم القراءة والكتابة في الكبر ولم يجدهما، ولما وصل ينعيه إلى ولده المترجم بالقاهرة رثاه على البديهة بقوله:
قضى والدي بالرغم مني وليتني ... سبقت لأمر ساورتني غوائله
لقد عاش دهراً لم يشبه بريبة ... حياة سخيّ فاض بالقوم نائله
وقام بعبء الدين والفضل صادقا ... وما المرء إلا دينه وفضائله
عليه سلام كلما غاب كوكب ... وسالت من الجفن القريح هو أمله
وكانت ولادة المترجم ليلة السبت الرابع من شعبان سنة ١٢٧٤ ونشأ بالبلدة المذكورة في حياطة والده، وابتدأ القراءة على الشيخ جاد المولى، فقرأ عليه القرآن وبعض المتون، ومكث بعدها نحو ثلاث سنوات، ثم حضر إلى القاهرة سنة ١٢٨٩ لطلب العلم بالجامع الأزهر، وتلقى عن شيوخ وقته، فقرأ النحو على الشيخ محمد الشعبوني المغربي، والشيخ عرفة سالم السفطي، والشيخ عبد الله الفيومي، والشيخ محمد البحيري، والشيخ سالم البولاقي، والشيخ محمد الانبابي؛ والفقه الحنفي على الشيخ عبد الرحمن السويسي، والشيخ صالح قرقوش، وحضر بعض دروس الأستاذ الكبير الشيخ محمد العباسي المهدي شيخ الجامع الأزهر، ومفتي مصر إذ ذاك؛ والبيان على الشيخ عرفة، والشيخ علي الجنائني، والشيخ محمد البحيري؛ وآداب البحث على الشيخ محمد البحيري المذكور، والمنطق على الشيخ محمد عبدة، والشيخ أحمد أبي خطوة، والشيخ سالم البولاقي، والشيخ محمد البحيري، والعروض على الشيخ محمد موسى البجيرمي.
وفي أثناء مجاورته بينما كان مسافراً من بلدته إلى القاهرة في سفينة كبيرة أيام زيادة النيل، نزل يغتسل على سكان السفينة مع جماعة فانحدر مع الماء في وسط النيل، وتبعه أحد المغتسلين لإنجاده، فما زال سابحاً حتى كلت سواعده وكاد يغرق، ثم نجا وخرج على الشاطئ الغربي للنيل وأرسل إليه من بالسفينة زورقا وصل به اليه، وسافر مرة من القاهرة عائداً إلى بلدته في سفينة، فتشاحن مع ربانها تشاحناً أدى إلى إخراجه منها، فخرج إلى بلدة يقال لها الرّقة بإقليم بني سويف، لا يملك شروي نقير، سوى كتاب مخطوط رهنه في أجرة