الشابي والهمشري والتيجاني والمعلوف وبليبل وأمثالهم من الشعراء الذين فقدناهم، وهم في ريعان الشباب، ومعقد الأمل، ومناط الرجاء. وإن كان بعض هؤلاء لم أعرف عنه، ولم أقرأ له إلا بعد موته بسنوات.
ورأيي الصريح في إبراهيم أنه يمتاز في شعره بدقة الوصف، والإحاطة بالتفاصيل، دون أن يضطره ذلك إلى الإسفاف والتبذل في الألفاظ أو المعاني. وقد أعانته على ذلك قوة روحه الشاعرة، ووفرة ثروته الأدبية. كما يمتاز برقة الألفاظ في مواضع الرقة، وجزالتها في مواضع الجزالة، وجمال التخيل، وطرافة المعاني في كثير من القصائد.
وقد مهدت له براعته في الوصف سبيل البراعة في الشعر القصصي كما يظهر ذلك جلياً في قصيدته الرمزية القصصية الرائعة (مصرع بلبل). وفي يقيني أن إبراهيم لو مد في عمره لآتى بالمعجب المطرب في هذا الفن من فنون الشعر الحديث.
ولكنه في شعره الغزلي في حاجة إلى شيء من قوة الانفعال، وفورة العاطفة، فقد سيطرت على هذا الشعر رقة الشعور، ووداعة العاطفة، وهدوء النفس. ويبدو ذلك واضحاً في قصيدتيه (ملائكة الرحمة) و (في المكتبة). ولولا ما في هذا الشعر من براعة الوصف، وطرافة المعاني، وجمال الأسلوب، لما استحق إبراهيم أن يعد من شعراء الغزل في هذا العصر.
أما شعره في الوطنيات والموضوعيات - على حد تعبير الآنسة فدوى - فهو شعر قوي الألفاظ والمعاني على السواء، وإن كان بعض هذا الشعر تفوته جزالة الألفاظ، وفخامة الأسلوب، مثل قصيدته (الشاعر والمعلم) التي يقول في مطلعها:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي ... (قم للمعلم وفه التبجيلا)!