للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يقسو الزمن عليها كل هذه القسوة. . .؟ ألا تكفي سنوات طويلة من الآلام والعذاب كفارة عن خطيئة انساقت إليها دون وعي أو إرادة؟ آه. . . ماذا ينفع الندم الآن؟

وغاظها موقفها من نفسها: لقد ظلمها الزمن وغدر بها، فلم تضيف إلى ظلم الزمن لها ظلمها لنفسها؟ لم كل هذا البكاء والندم والألم؟ هل تستحق هذه كل هذا؟!

واختمرت في رأسها الفكرة وأرادت أن تثأر لنفسها. . .

وعندما غادرت فراشها لم تعد تحس أنها نفس المرأة التي مثلت دور (نبيلة) فبكت وأبكت. . .

الحياة البوهيمية الصاخبة، والكؤوس الترعة، والليالي الماجنة الحمراء تشفي الجراح التي استعصت على الزمن. .

وأدهش الناس تغيرها، ماذا جرى لهذه الفتاة المحتشمة الزرينة العازفة عن حياة الليل؟ لقد كانوا يضربون بعزة نفسها الأمثال فما بالها أصبحت يسيرة المنال على كل من يطمع فيها.!!

ونجحت سميرة وعلا نجمها

وسرعان ما اشتدت المنافسة عليها وكثرت العروض، وتشاحن عليها فرسان الليل، ولم تعد حياتها في الماضي إلا حلماً باهتا يطارده بريق الذهب الذي تلهو به الآن كما يلهو الأطفال برمال الشاطئ.

ها هي تنتقم من الرجال. إنهم يتملقون رغباتها ونزواتها وهي تلهو بعواطفهم وتدوس قلوبهم وتستنزف جيوبهم لتعيش عيشة البذخ والترف وظهر اسمها في الصحف وأخذت المجلات تتبع أخبارها وتنشر صورها وتتندر بأن ما تنفقه على كلبها المدلل السعيد يكفي عائلة متوسطة الحال. . .

هل تستطيع الحياة أن تمنح أكثر من كل هذا النعيم؟ ليتها عرفت منذ أن طرقت دنيا المسرح! لقد أضاعت خمس سنوات من عمرها في الندم والألم منزوية في ركن مظلم وموكب الحياة يمر بها وهي عازفة عنه كأنه لا يفتنها أو يشيرها.

ودارت عجلة الزمن دورات وسميرة مندفعة في تيار اللهو الصاخب اندفاعا لم يقو على وقفه ما كان يعتريها أحياناً من ثورة وتمرد وبغضاء للرجال، لقد كانت منذ مرضها ذاهلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>