للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإذا كان فيما نفعله، أو فيما يجب أن نفعله، شيء يؤخذ على أنه صرامة وشدة وحنبلية متزمتة، فيما اضطررنا إليه فعلناه. وإليك مثلا هذه الدول العربية التي بدأت تضج ضجيج البعير آذاه العبء الفادح، من غول الاستعمار الأدبي والسياسي والاقتصادي، والتي بدأت تعرف أن كل باب من أبواب الحياة قد وقف عليه دبدبان من اليهود أو من الأجانب الطارئين، ليذودوا العرب عن الانتفاع ببلاده التي هي له ملك متوارث منذ أقدم عصور التاريخ - يذودونه عن الانتفاع بتجارة بلاده، لأن شياطين التجارة ومردتها فئة من هذه اليهود وهذه الأجانب، ويذودونه عن الانتفاع بمعادن أرضه، لأن أبالسة الحديد والنار هم أصحاب المناجم في أرضه وبلاده، ويذودونه عن الانتفاع بقوى شعبه، لأن خزان المال من اليهود والأجانب يضربون العمال بالفقر والذل والبؤس، ولا يدعون لهم متنفساً، ولا طريقاً إلى بلوغ المستوى الذي يحق لهم بجهودهم التي يجودون بها، فتكون لليهودي والأجنبي غنى ومالا وثروة وعجرفة وتغطرساً على هذه الأمة العربية، ونكبة وبلاءً واستعماراً كأنه جوامع من غليظ الحديد مضروبة في أوتارها الراسخة في جوف الأرض العربية. هكذا هو، فماذا تفعل هذه الدول؟

أليس من الحق لكل بلد عربي أن يسن قانوناً لأهله أو قانوناً لحكومته إذا استطاع - أن يحرم على كل يهودي وأجنبي أن ينشئ شركة إلا إذا كان كل عامل فيها وكل موظف من أهل البلد، وأن تكون أرباح الشركة لا تزيد على قدر معلوم، وأن يكون الدخل وقفاً على البلاد التي يستثمر فيها جهوده، فلا يخرج مالا ولا يختزنه في مصارف بلاد أخرى غير البلاد التي استوطنها، ورغم أنه جاء ليسدي إليها خيراً بعلمه أو فنه أو صناعته أو تجارته؟

أليس من الحلق لكل بلد عربي إذا هو رأي هذه الأجانب وهذه اليهود تملأ عليه الجو، وتأتيه مهاجرة من كل مكان هجرة حرة غير مقيدة أن ينظر لنفسه ومصالحه، ويعرف أن هؤلاء خطر ينبغي درؤه واتقاؤه بكل وسيلة؟ فإذا منعنا الهجرة أو قيدناها فأي تعصب في هذا؟ وإذا كنا نعلم علم اليقين أن هؤلاء الطارئين هم من حثالة اليهود وحثالة الأجانب، وأنهم أرذل خلق الله أخلاقاً وأقلهم علماً وأخسهم نفوساً، فأي تعصب في أن نقول للعالم كله إننا نأبى أن نؤوي هذه الحثالة القذرة في بلادنا وبين أهليها، وأن نمنعهم أن يتدسسوا إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>