حمى أعراضنا بنذالاتهم وفجورهم وعهرهم وبالخبث التي انطوت عليه دخائلهم؟ وإذا كنا نعلم علم اليقين أن هذه الحثالة الخبيثة، وهذه الرمم الإنسانية تفعل في شوارعنا وطرقاتنا ما لا تستطيع أن تفعل مثله في بلاد غير بلادنا التي وقعت تحت بطش الاستعمار قرناً أو بعض قرن، فأي تعصب في أن نسن قانوناً يوجب ترحيل هؤلاء الطارئين، أو يوجب نزع الجنسية المصرية أو العربية أو السورية عن هذه الفئة التي جاءت دخيلة على بيوتنا وديارنا وأخلاقنا؟
إن من حق البلاد العربية أن تفعل ذلك ولا تبالي بنقد منتقد ولا هجوم متهجم، ولا إقذاع مبطل ولا سفاهة مدخول السريرة خبيث الطوية. كلا إنه ليس حقاً لها وحسب، بل هو فرض لا مناص من أدائه والقيام عليه وحياطته كل الحياطة، إن هذه اليهود وهذه الأجانب هي ذرائع الاستعمار، وهي أداة البطش التي سلطها الاستعمار على رقابنا، وهي الخبيثة المردية التي تفشى داؤها حتى أوهى القوى وأوهن العزائم، وأكلنا لحماً طرياً وتركنا عظاماً نخرة.
وها نحن الآن مقبلون على حرب بيننا وبين اليهود، وحرب بيننا وبين الاستعمار، وكلاهما حرب لا هوادة فيها ولا مفر منها، فكيف يجوز في العقول أن ندع العدو بين ظهرانينا يعيث فساداً وخيانة وتجسساً، بل يأخذ من أموالنا ويرد على أموال عدونا، فيضعفنا ويقويه، وينهكنا وينميه، ويوهننا ويضربه؟ إن من القوانين الدولية في زمن الحرب أن تضع الدولة يدها على أموال أعدائها جملة واحدة، فتستثمرها في حقها وبحقها لتكون لها قوة وعتاداً، ومن القوانين الدولية أن تقبض الدولة على أبناء الدولة المعادية فتأسرهم في المعتقلات حتى تضع الحرب أوزارها، خشية أن يفجروا في الأرض ويكونوا عيوناً عليها، وبلاء في داخلها، و (طابوراً خامسا) في شعبها. فهل شك أحد في ذلك أو استنكره أو بغض إلى دولته فعل ذلك؟ كلا! وإذن فكيف يجوز للعرب منذ اليوم، وقد شرعوا في الجهاد وعزموا على أن يحطموا أغلال الاستعمار، وأن يقوضوا عرش اليهودية الباغية، أن يتهاونوا في الضرب على يد هذه التجارة اليهودية في قلب بلادهم، أو أن يبيحوا لأعوان الاستعمار من شذاذ الأمم والأفاقين أن يسرحوا حيث شاءوا من بلادهم، وأن يستولوا على ما يشاءون من أموالهم وأرزاقهم، وأن يدخلوا فينا ليكونوا عيوناً علينا في هذه الحرب التي تدور بيننا